الاستعمار (؟)، ولكن الرواية لم تتجاوز مجال الخط ولم تصل إلى درجة الثورة أو القيام بعمل إيجابي، إنها تمثل الصراع بين القديم والجديد في القرية وعلى مستواها فقط ولا تتجاوزها إلى الوطن الجزائري، ويمثل النموذج القديم شيخ القرية الذي كان يصرخ دائما في الشباب بأنه جيل ملعون، أما الجديد فيمثله شباب القرية، وفيهم هذه الأسماء التي يبدو أن بعضها غير إسلامي وهي: مدور، ومناخ، ووالي ومقران ورافع وموك، فقد كان هؤلاء كلهم ساخطين على الفقر والضعف والركود، فثاروا على آبائهم، كان هؤلاء الآباء هم المسؤولين على ما حدث لهم وللجزائر من بؤس، وكأن الاستعمار غير موجود في المنطقة ولا يتحمل أية مسؤولية، ويقول عبد المالك إن حدوث الثورة هو الذي فجر الدموع والحزن لدى الأمهات على أولادهن، ثم تنتهي بذلك الرواية نهاية سوداء لأنها ليست رواية ثورية وإنما هي رواية سخط، فقد انفض الشباب وتشتتوا ورضخ مقران لضغط التقاليد فانفصل عن زوجته لأنها لم تنجب له ولدا ذكرا وعاد الغبار إلى القرية.
فكيف يصح هذا الحكم على نهاية الرواية مع أنها نشرت عشية الثورة، هل تنبأت الرواية بحدوث الثورة؟ هل هناك خطأ في تصور الناقد أنور عبد المالك، إن المرجح هو أن هذا الكاتب إنما خلط بين الربوة والرجل العادل أي بعد أن سخط الوطنيون على معمري واتهموه بالانحراف وربما حتى بالخيانة فعاد في (نوم الرجل العادل) ليهاجم الاستعمار مباشرة ويجعله هو المسؤول عما حل بالجزائر من مآس، وبذلك اقترب معمري من الخط الوطني وأدرك أن هناك وطنية جزائرية، وأن الجيل القديم ليس هو المسؤول عما حدث للجزائر، إن هذه الأفكار وما يماثلها موجودة في رواية (نوم الرجل العادل) الصادرة سنة ١٩٥٧ وليس في الربوة المنسية الصادرة سنة ١٩٥٣.
اكتشف معمري - كما قيل - الوطنية الجزائرية إذن في روايته الثانية، وقد جعل أحد أبطاله فيها يجيب كلما سئل عن سبب تصرفاته (أنا جزائري)، كما اكتشف معمري أن الوطن هو وطن الشعب العامل، وليس الراكد الخامل، وأن