للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الأثناء التي اشتد فيها الخلاف بين الزيانيين والملياني كان العثمانيون يخططون للاستيلاء على تلمسان ويبحثون لهم عن حليف ونصير، وهل هناك أفضل من الملياني وحزبه؟ وتذكر الروايات أيضا أن عروج قد زار الملياني واتفق معه سرا على عدة أمور منها إعلان الملياني وأتباعه تأييدهم للعثمانيين بينما تعهد عروج بعدم التعرض للملياني ولنسله ولمن تعلق به. وسواء كان هذا اللقاء شخصيا، كما تذهب إحدى الروايات، أو بواسطة، كما تذهب رواية أخرى، فإن تحالف العثمانيين مع حزب الملياني في تلك الظروف يعتبر أمرا مؤكدا تقريبا.

وقد أثمر هذا التحالف والتزم به الطرفان طيلة العهد العثماني. فقد ظل الملياني وأتباعه مؤيدين للعثمانيين كما حافظ هؤلاء على التزامهم له ولطريقته وأولاده وأتباعه. وتذكر المصادر أن خير الدين باشا قد أرسل من الجزائر، بعد نجاح الخطط العثمانية، هدايا ثمينة إلى أحمد بن يوسف فبارك الشيخ عمله، ثم جاء ابنه (ابن أحمد الملياني) وهو الشيخ ابن مرزوقة إلى الجزائر فأهداه خير الدين أيضا هدايا تليق بمقامه واعترف به خليفة لوالده في رئاسة الطريقة الشاذلية ونشر دعوتها. وظلت هذه العلاقة بين العثمانيين والطريقة اليوسفية على أحسن ما يرام إلى آخر العهد المدروس. فقد قيل إن حسين باشا (آخر الباشوات) كان متزوجا من إحدى حفيدات الملياني (١). ومن أصدقاء الملياني الذين كانوا أيضا على علاقة طيبة بالعثمانيين الشيخ محمد بن عبد الجبار المسعودي الفجيجي التلمساني. فقد كان شاعرا صوفيا وصاحب كرامات، على ما يذكر مترجموه، وكانت له زاوية خاصة أنشأها في بلاده (حدوش) كما أنشأ مسجدا وبيتا للفقراء، واشتهر أمره حتى صار قطبا صوفيا (٢). وكان من أتباع الملياني وتلاميذه أيضا محمد بن شعاعة. وكان مثله متعاونا مع الأتراك، وكانوا هم بدورهم يعظمونه ويعفونه من الضرائب


(١) انظر بودان (المجلة الإفريقية) ١٩٢٥.
(٢) زار محمد الفجيجي صديقه الملياني أثناء محنته مع بني زيان. وقد توفي الفجيجي سنة ٩٥٠. انظر (البستان)، ٢٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>