(النجاح) من تلقاء نفسها في نفس السنة، وبذلك لم تبق إلا الصحف الاستعمارية.
كان الإعلام الاستعماري قويا بإمكاناته وأجهزته، وقد اتخذ أسلوبين من الجبهة: الأول عدم الاكتراث بها على أساس أنها ضعيفة وما تقوم به سيرجع عليها سلبا وسيجعلها تفقد قواعدها، والثاني اتهام الجبهة بإراقة الدماء وارتكاب الفظائع، وكانت مقاومة الجبهة للأسلوب الاستعماري قد تمثلت في منع انتشار هذا النوع من الإعلام بين الجزائريين، فعاقبت من يقرأ الصحف الفرنسية كما حرضت على عدم سماع الإذاعة الفرنسية، ثم تبين للجبهة أن المواطنين يستطيعون التمييز بين الحق والباطل، بين ما هو وطني وما هو استعماري، وتأكدت أنه لا بد من إعلام مضاد، ولكن الوسائل كانت ضعيفة بحيث لا تكاد تتعدى الاتصال الشخصي وتوزيع المناشير، كما أن الصحافة الاستعمارية قد تكون مفيدة للثورة لأنها تتحدث عن الثوار وأنشطتهم وعددهم وأسلحتهم وتصريحاتهم، ولذلك شجعت الجبهة صحافة الفرنسيين الأحرار، كالصحف الكاثوليكية أو ما يعرف بصحف الأستاذ (مندوز).
ومع أهمية هذه الإستراتيجية الإعلامية فإنها لم تكن كافية، لأن الصحافة الاستعمارية كانت قوية، ولذلك قررت الجبهة إنشاء إعلام خاص بها له كل مواصفات الإعلام الحديث، وذلك بدخول سوق المنافسة لكسب الرأي العام في الداخل والخارج، فكان أول الغيث هو إنشاء جريدة المقاومة الجزائرية، ثم المجاهد والإذاعة، ثم وكالة الأنباء، وهي الوسائل التي درسناها في مكانها من الكتاب.
كما أنشأت الجبهة وسائل إعلامية أخرى لا تقل أهمية، منها المسرح والسينما والفرقة الفنية وشجعت نشر القصة والشعر والرياضة، وحضور المؤتمرات والندوات والمهرجانات الثقافية والشبابية، بالإضافة إلى إعطائها أهمية للمحافظ السياسي في الولايات الذي كان يلعب دورا إعلاميا فعالا (١).