علق محمد مهري على المفاوضات التي أدت إلى حل الرابطة بقوله: كان هناك عدم ثقة بين طلبة المشرق والاتحاد ترتب عليه نشوء توتر بين الطرفين، بل إن مسؤولي الثورة لم يتخلصوا من هذه النظرة الاستعلائية والمتحيزة نحو طلبة المشرق، وكانوا يجهلون دور هؤلاء، ويعتقد أعضاء الاتحاد أن الرابطة هي صدى للأحزاب المشرقية، أما الحكومة المؤقتة فقد مالت إلى الاتحاد لأنها تحمل ذات ميول الاتحاد، لذلك ضغطت على وزير الثقافة أحمد توفيق المدني من أجل حل الرابطة وانضمام طلبتها للاتحاد، وقد طمأن الطلبة في القاهرة فوافقوا على حلها بشرط قبول طلبة دمشق، فأرسل إليهم الوزير ممثله بوزيان التلمساني الذي اتفق معهم على عقد مؤتمر يضم كافة الطلبة سنة ١٩٦٠ وعلى أن يصلهم التعهد الرسمي قبل حل الرابطة، وفعلا وصلتهم البرقية بذلك، وعندئذ أصبحوا فرعا للاتحاد (وكذلك فعل زملاؤهم في الروابط الأخرى (١).
كان طلبة الرابطة يرون أنفسهم أحق بالقيادة لأنهم سباقون إلى الثورة ولأنهم يمثلون الوجه الحضاري للجزائر العربية المسلمة، فهم الذين اتخذوا المبادرات الثورية وضحوا براحتهم حين تطوعوا للثورة وهاجروا من أجل تعلم لغة وثقافة الوطن، وأنهم هم الأعداء الحقيقيون للاستعمار، وأنهم كانوا يعانون البؤس والشقاء في المشرق حيث يعيشون على موارد ضئيلة شهد الجميع على أنها أقرب إلى الصدقات والإحسان منها إلى المنح والتكفل.
أما زملاؤهم الذين أنشأوا الاتحاد (أنظر لاحقا) فكانوا ينظرون إلى أنفسهم على أنهم ربما الأحق بانضمام زملائهم في المشرق إليهم، لأنهم هم
(١) مهري، ومضات، مرجع سابق، ص ٨٩ - ٩٠، وفي رأي هذا المرجع أن عدد الطلبة الذين تطوعوا في الثورة سنة ١٩٥٥ بلغ خمسة وثلاثين طالبا، دخلوا فعلا إلى الجزائر كمقاتلين لا كسياسيين، كما التحق عدد آخر بالكليات العسكرية وبعد تخرجهم التحقوا بوحدات الجيش، وقدر محمد مهري عدد الطلبة في دمشق بحوالي سبعين طالبا.