للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كل ذلك والقلب مني يتقطع غيرة على حزب الله، العلماء، أن ينتسب جماعة الجهلة المعاندين الضالين المضلين لهم أو يذكروا في معرضهم، وغيرة على جانب السادة الأولياء الصوفية أن تكون أراذل العامة وأندال (كذا) الحمقى المغرورين أن يتسموا بأسمائهم أو يظن بعضهم اللحوق بآثارهم. ولم آل في التنفير من كلتا الطائفتين (١) والتحذير منهم في كل زمان وأوان؛ وبين كل صالح من الإخوان، إلى أن أحسست لسان القول قد نطق بنسبة ما لا يليق ذكره من أفواههم، فشرح الله صدري في أن أعتكف على تقييد يبدي عوارهم، ويفضح أسرارهم، ويكون وسيلة إلى الله في الدنيا والأخرى. فهذا الجهاد الذي هو أحد من السيف في نحور أعداء الله، وناهيك بهم أعداء؛ نسخوا شرع سيدنا ومولانا محمد (صلى الله عليه وسلم) بآرائهم المسطرة بأقلامهم في سجلاتهم، وأحلوا الرشى بأفعالهم، والتمدح بها والعكوف على طلبها، والاعتناء بأخذها في أنديتهم، فهي عندهم من أرفع المكاسب وأسنى المطالب. والطائفة الأخرى أعلنوا بأن سابق الأقدار منوطة بإرادتهم. فزادت بهم العامة شغبا إلى شغبهم، واتخذت أتباعهم ألقابا باسم الشيخوخة والتحذير من أن يغاضوا أو يغتاضوا، فصارت العامة تجانبهم ولا تحط بساحتهم. وأما النكير عليهم، لأربابه في قعر حفير، وربما زاد في إفصاح أحوالهم من أن من مات منهم بنوا عليه وشيدوا بناءات وجعلوا عليهم قبابا من العود وألواحا منقوشة بأسمائهم وما اختاروا لهم من الألقاب التي لا تصلح لهم، وهي من أوصاف سادتنا العلماء العاملين والصلحاء الفاضلين الكاملين. فعظم الباعث على النصح بهذا التقييد) (٢).

وانطلاقا من هذا المدخل عرف الفكون بأن الصلاح المؤدي إلى معرفة


(١) يعني بهم أدعياء العلم وأدعياء التصوف. وقد وصف غيره أيضا حالة المتصوفين في الجزائر ولكنهم اكتفوا بالوصف مع التحبيذ ولم ينتقدوا أو يتخذوا موقفا معارضا لتصرفات المتصوفة في وقتهم. ومن هؤلاء البطيوي وابن مريم ومحمد بن سليمان والورثلاني.
(٢) مقدمة (منشور الهداية)، مخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>