للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دام الإضراب بالنسبة للجامعيين حوالي سبعة عشر شهرا، وكان قراره قد اتخذ لأسباب سياسية ونفسية وعسكرية، كما لاحظنا، وقد حقق الآن أهدافه، وكانت له نتائج هامة منها الصدمة الاجتماعية والسياسية للطالب والأسرة الجزائرية عامة، ومنها انضمام عدد من الطلبة ذوي الكفاءات العلمية والسياسية والطبية إلى الثورة، والالتحاق بالدراسة في جامعات ومعاهد غير فرنسية مما أدى إلى تنوع الدراسات وتعدد الأفكار عند الطلبة والخروج من الاحتكار العلمي واللغوي الفرنسي، لقد كان على الجبهة (جبهة التحرير الوطني) أن تواجه مشكلة بضع مئات من الجزائريين خارج الوطن، وكذلك معالجة عودة الطلبة الجزائريين إلى الجامعات الفرنسية بعد حل الإضراب.

لماذا أضرب الطلبة؟ وهل حققوا الهدف منه؟ لقد أثار قرار الإضراب جدالا متوترا بين المسؤولين الجزائريين، فمنهم من رآه خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح ومنهم من اعترض عليه ورآه خطوة في الاتجاه الخاطى وأن الخاسر فيه هو الجزائر وثورتها على المدى البعيد، تقول المجاهد إن الطلبة ليسوا ضد التعليم في الجامعات الفرنسية في حد ذاتها، وليسوا ضد العلم والمعرفة، لقد قام الطلبة المسؤولون على الإضراب بإطلاع الطلبة الفرنسيين على ما ارتكبه جيشهم في الجزائر من موبقات وأعمال وحشية تذكر بما فعله (الجستابو) الألماني مع الفرنسيين، كما أفهموهم العقيدة الوطنية والمقاومة من أجلها التي يقوم بها الشعب الجزائري، وهو ما يعرفه الفرنسيون أثناء مقاومتهم للنازية والاحتلال الألماني، كما عقد الطلبة الجزائريون خلال الإضراب ندوات ونظموا محاضرات للتعريف بالثورة، وجمعوا لها التبرعات في العلم الجزائري مما جعل الشرطة تعتقل بعضهم بدعوى أنهم رفعوا علم (الفلاقة).

وفي هذه الأثناء ظهرت في فرنسا جماعات تندد بالمقارنة بين المقاومة الجزائرية والمقاومة الفرنسية، وتيقن الطلبة أنه لا مكان لهم في فرنسا وفي جامعاتها بالخصوص، وأن عليهم أن يضعوا أنفسهم تحت تصرف جبهة التحرير

<<  <  ج: ص:  >  >>