وأن يقرروا الإضراب غير المحدود، ولا شك أن هذا تبرير واه لاستمرار الإضراب لأن بعض الطلبة استمروا في الدراسة، ولأن السلطات الفرنسية كان يهمها سياسا أن يرجع الطلبة للدراسة، ولكن التحاق العديد من الطلبة بالثورة مباشرة كان أمرا مرغربا فيه من قيادة الثورة نفسها كما قلنا، وكان من أهداف الإضراب زعزعة العلاقة بين الطالب وحالة الجمود التي كان فيها، فكان لابد من تسييسه وإحداث صدمة لديه يستيقظ على صوت الوطن والوطنية.
دخل الطالب صفوف الثورة إما كجندي في الجبال وإما مسؤول سياسي وإما مدرس أو ممرض، وإما دبلوماسي يجوب بلدان العالم للتعريف بقضية بلاده، وهكذا أصبحت القضية معروفة بعد أن قام الطالب بدوره المذكور في الداخل والخارج، وأصبت القضية الجزائرية معروفة على مستوى عالمي، ومنها الكتابات الصحفية عنها في الجرائد الكبرى، وأصبح انتصار الجزائر في حربها على الاستعمار هو انتصار للملايين المضطهدة في العالم والطامحة إلى الحرية والعدالة والديمقراطية، فقد حقق الكفاح بالإضراب أهدافه في النهاية وحان وقت بناء الأساس للمستقبل على العلم والاختصاص ومن ثمة جاء القرار بحل الإضراب في ١٤ أكتوبر ١٩٥٧ وعودة الطلبة الجامعيين للدراسة، أما طلبة الثانويات فقد سمح لهم باستئناف الدراسة قبل هذا التاريخ (١).
شارك الطلبة في تدويل القضية الوطنية، وكان للاتحاد موقف واضح من الإيديولوجيات المتصارعة في العالم عندئذ، فقد كان كل منها يريد الاستحواذ على الثورة ونسبتها إليه، فكان شعار الاتحاد أن من هو معنا فهو صديقنا وأن الثورة في حاجة إلى مساندة الجميع، وكانت تعليمات الثورة عدم انضمام الطلبة إلى أي حزب أو تنظيم خارج تنظيم الثورة سواء كان التنظيم جزائريا أو أجنبيا.
(١) المجاهد ١١، فاتح نوفمبر ١٩٥٧، وكذلك المقاومة الجزائرية، ٤، ٢٤ ديسمبر، ١٩٥٦، وتذكر المقاومة أن عددا من الطلبة قد استشهدوا من بينهم عمارة والونيس، وكلاهما من القادة.