للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدراويش إلى الولاية والصلاح والكرامة فكيف يكون موقف بقية الناس منهم؟

فالصباغ، وقد كان قاضيا في وقته، قد نسب كثيرا من الخوارق والكرامات إلى أحمد بن يوسف. وابن مريم، وقد كان من مؤدبي الصبيان، قد نسب كثيرا من ذلك إلى معظم من ترجم لهم ولو كانوا من العلماء المدرسين. فهذا أحمد الورنيدي الذي كان من المدرسين كانت له كرامات منها إقراء الجن ومد يده لستر عورته بعد موته. وهذا سيدي حدوش قد أخبر أن النصارى لن يدخلوا تلمسان إلا مرة واحدة. وقد كلمت حمزة المغراوي فرسه بأنه أتعبها، وكان مكانه يزار ويحمل منه التراب الذي ما علقه مريض إلا شفي. وقد تجمع النحل عند قبر سعيد البجائي وأغار على قافلة حمير كانت تحمل الزرع للنصارى (الإسبان) بوهران فقتل كل الحمير إلا حمير المسلمين. وكان محمد السويدي صاحب كرامات أيضا حتى أنه أكد أنه يستطيع أن يخبر عما يدور بين الرجل وزوجه في الفراش، إلى غير ذلك مما كان يعتبر عند ابن مريم وأمثاله مكاشفات وخوارق. وكانت هذه الكرامات تتدخل في السياسة أيضا. فهذا الشيخ عبد الرحمن اليعقوبي قد تدخل في إعادة حسن باشا بن خير الدين من وادي ملوية قاصدا غزو فاس إلى تلمسان (١). ومع ذلك فإن ابن مريم لا يكاد يذكر واحدا من الأولياء والعلماء إلا نسب إليه معرفة علوم الظاهر والباطن والتعمق في العلوم المعقولة والمنقولة.

وقد سار على نهج ابن مريم تلميذه محمد البطيوي. فعدد هو أيضا في كتابه (مطلب الفوز والفلاح) كرامات ومكاشفات الشيوخ الذين ترجم لهم. ومثله محمد بن سليمان في (كعبة الطائفين) حيث اتبع نصيحة شيخه موسى بن علي اللالتي بأن يشرح قصيدة (حزب العارفين) ويعلق عليها ويذكر أهل الصلاح ويغض النظر عن أهل الطلاح (٢). فالتصرف في القرنين العاشر


(١) ابن مريم (البستان)، ٩٤، ١٠٤، ١٣٦، ٢٧٦، ٢٨٩.
(٢) سندرس المؤلفات المذكورة في بابها من الجزء الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>