للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قصة عبد الحق الإشبيلي مع زنديق بجاية وأميرها. وقال إن الأولياء والصالحين أحياء في قبورهم. وكان يروي عن المشعوذين والحمقى ويعتبر الجميع أولياء صالحين، ونسب إليهم الجذب وطريق القوم (١).

ومن الكرامات التي رواها في رحلته أن بعض الأولياء قد أمر الجبل بالانخفاض قانكشفت الكعبة، وأن حيوان المعز قد تحول إلى جلود زيت، وأن ماء زمزم كان يخرج من خلوة أحد الشيوخ، وأن بعضهم قد أقام بقرة بعد ذبحها، وأن آخر قد رقي طفلا مقعدا فقام يمشي (٢) وقال عن أحد المرابطين، وهو علي بن داود، إنه من شعراء الرسول. (ولو كان كلامه بالعريبة لكان يكتب بسواد العين لما فيه من العلم اللدني). وروى أن سعيد الفاني كان عارفا بالله ومجدوبا بالحقيقة، وأنه (الورتلاني) قد سمع بنات أفكاره في الوعظ وطريق الحب الإلهي بالبربرية وأن كلام هذا الشيخ يسلب العقل وأنه يكاد يكون كلام ابن عطاء الله وإنما هذا فاقه لأنه بالعربية. واعتبر الورتلاني رتبة الولاية والصلاح غير مقصورة على العلماء والمثقفين لأن (في عالم عمالتنا للعوام المجذوبين كلام في المعرفة والمحبة والوعظ يحرك القلوب ويفتنها، غير أنه عليه كسوة البربرية، فالذي يفهمه يذوقه ذوقا معتبرا يسلب العقل) (٣).

وقد عمت الخرافة المتعلمين والعلماء والدراويش والكتاب على حد سواء. فقد روي عن مفتي المدية لسنة ١١٧٢، وهو الحاج أبو القاسم المغربي، أنه طلب من الناس قراءة دعاء يوم عاشوراء ثلاثمائة وست وستين مرة (٤). وهذا محمد المصطفى بن زرفة، وهو من أوائل القرن الثالث عشر، قد روى أن من كرامات أبي مدين وجود الملح في سبخة ميسرغين وسبخة


(١) الحاج صادق (عبر شمال إفريقية)، ٢٨٤، ٣٧٠.
(٢) الورتلاني (الرحلة)، ١٠، ١٤، ١٧.
(٣) نفس المصدر، ٣٥، ١٨٧، ٦٠٣.
(٤) من رقاع مخطوط وجد في مكتبة الأمير عبد القادر.

<<  <  ج: ص:  >  >>