للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد بدأ عمر حياته في مجال الصحافة العربية، فأصدر أوائل القرن الماضي مجلة (الجزائر) وجريدة (ذو الفقار)، وكان يقوم برسم الصور بنفسه، ومن آثاره كتابات أسماء شوارع القصبة القديمة في مدينة الجزائر على لافتات باللغة العربية إلى جانب اللغة الفرنسية، وهي كتابات بلون أبيض على أرضية زرقاء بحروف تبدو لنا اليوم معقدة ومتداخلة، كما كان يضع تحت كل اسم ما يوضح مسماه وتاريخه أو الحدث الملتصق به (١).

وقبل أن نتحدث عن رأي عمر راسم في الموسيقى، نشير إلى مقاله (التقليد والفن) الذي كتبه سنة ١٩٥٧ والذي ربما كان أحد أحاديثه الإذاعية أيضا، في هذا المقال نقد لاذع للتقليد في الفن وهجوم كبير على المقلدين لأنهم بالتقليد يفقدون في نظره شخصيتهم، وفي هذا المقال كلام عام عن الفرق بين المبدع والمقلد، والموهوب في نظره هو الذي يتفرغ لفنه لأنه يحبه ويلتزم به، (أما المقلد (فهو) كالطماع والمحتكر الذي يريد أن ينال الأرباح الطائلة من دون تعب، إن ناسخ الكتب لا يعد مؤلفا، ولا الملحن شاعرا، ولا الراوي محدثا) (٢).

رغم أن الأخوين محمد وعمر راسم قد أسهما في الثقافة الجزائرية إسهاما كبيرا بالموهبة والإبداع فإنهما كانا متوسطي الثقافة فيما يبدو من آثارهما، ونقصد هنا الثقافة الأكاديمية أو المنتظمة، وقد رأينا أن محمد راسم قد حيل بينه وبين مواصلة دراسته الثانوية فاكتشف الفن وظهرت موهبته فيه فتفرغ لإنتاجه يشبع رغبته في الإبدع في فن المنمنمات، ولم يكمل قاعدته الثقافية إلا بطريقة شخصية، ويبدو أن محمدا كان محافظا في ثقافته لأننا وجدنا له اطلاعا واسعا على التاريخ والآثار والحياة الاجتماعية لبلاده كما تظهرها لوحاته، ذلك أن موضوعاته جزائرية إسلامية عربية، ترجع إلى أعماق التاريخ، كما أنه كفنان كان


(١) هنا الجزائر ٧٤، مارس ١٩٥٩، أنظر أيضا ما كتبناه عنه في مجال الصحافة في التاريخ الثقافي، ج ٢٨٢/ ٥.
(٢) هنا الجزائر ٥٩، نوفمبر ١٩٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>