يستمد من البيئة والأسرة والقصبة التي يبدو أنه من مواليدها، وهي آخر حصن من حصون الثقافة الوطنية الباقية في العاصمة بعد أن كادت تزول جميع معالم الثقافة الأخرى على يد الاستعمار، كما عرفنا أنه زار وتأثر تأثرا عظيما بمعالم الأندلس وتراثها الحضاري، ولا نعلم أنه زار الشرق أو أدى فريضة الحج.
وقد لاحظنا أن محمد راسم كان كذلك يوقع دائما لوحاته بالحروف العربية حتى تلك التي كانت تعرض في أوربا أو تنشر في الكتب المتعلقة بالإسلام وثقافته لمؤلفين أوروبيين، ومن جهة أخرى نلاحظ أن المرأة كانت أيضا من موضوعاته الرئيسية، ولا ندري بأي إيعاز كان يفعل ذلك، والغالب أنه إيعاز ذاتي أي أنه كان يرى المرأة جزءا من حياة القصبة ورمزا للجزائر التي بقيت وراء الجدران العالية لهذا الحصن، فالمرأة في الحديقة والشرفة، وهي في المقصورات الوثيرة الأثاث والسطوح الشفافة، وهي العروس المخضبة بالحناء في ثياب الزفاف، وهي تشرب الشاي وتتحدث إلى صويحباتها، وهي طربة نشوانة، وهي تتزين بالأزياء التقليدية .. كل ذلك يتمثل في لوحاته الجميلة المليئة بالرموز التاريخية والاجتماعية.
أما أخوه عمر راسم فنعلم أنه بدأ بالاهتمام بالسياسة فأصدر الصحف بمعاناة شديدة، عندما كان الإعلام الوطني في درجة الصفر، ثم سافر إلى المشرق، وشاهد التيارات الموالية والرافضة للتبعية العثمانية والنهضة الإسلامية، وعرف الحركات الساخطة على الاستعمار والمنادية بالوطنية، واعتنق المذهب الاشتراكي في صورته المثالية الإنسانية، وكان رائدا في التحذير من التغلغل الصهيوني، وكان من المعجبين بحركة الأمير خالد، ثم خاب أمله في بعض الرموز الوطنية التي كانت تطفو ثم يغرقها الاستعمار بأدواته المعهودة، وعاد عمر إلى الرسم والخط والموسيقى، وكان يعيش عيشة ربما يجوز أن