للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في عنابة - وقد قدم عليه رجل مغربي يدعى علي خنجل كان في طريقه إلى المشرق، وكان يدعي أنه (شيخ المشائخ) فاجتمع له الناس وعلى رأسهم محمد ساسي، وجعلت له (ليالي من آلات وتصفيق وشطح وأناشيد)، وعند وداعه حمله الشيخ محمد ساسي على كتفيه إلى السفينة. وكان (أي محمد ساسي) ينشد الأشعار والجمع يرد عليه، بينما كان علي خنجل (يزجل بزجله) أيضا، والجمع يصفق ويشطح ويصيح (١).

وكان في تلمسان ونواحيها عدد من هؤلاء المتصوفة الذين خلطوا بين العلم والدروشة وقد ذكر ابن سليمان عددا وافرا منهم. وهو لا يتبع في ذلك طريقة الفكون في نقدهم بل كان يشيد بهم ويتبع خطاهم ويطلب بركاتهم. ومن هؤلاء شيخه موسى اللالتي ومجموعة من الشيوخ. سماهم (وأهل الله) (٢). ومما ذكره عن أحمد بن بوجلال أنه كان حاضرا معه بباب الجياد بتلمسان وكان يقرأ له (أي ابن سليمان) كتاب الاحياء للغزالي، فصار بوجلال يعلو ظهره، وقد قال عنه إن من عادة بوجلال (إذا سمع آية أو كلاما حسنا يحترق بالمحبة، فيتواجد مما وجد حتى لا يملك نفسه فتراه يرتفع في الهواء بجميع جسده وهو جالس، حتى كأنه صبي تقفزه أمه، وتراه يسحب فوق الأرض وهو ماد رجليه ويديه، حتى كأنه يطير بجناحيه أو محمول على الأكف)، وقد توفي الشيخ بوجلال مسموما (٣). دون معرفة الدافع أو الفاعل.


(١) الفكون (منشور الهداية)، مخطوط. ذلك هو ما رواه عن معاصر. وقد تبدو فيه مبالغة، ولكن انتشار وتواتر الظاهرة في شرق البلاد وغربها يدل على صحة ما ذهب إليه الفكون بصفة عامة.
(٢) (كعبة الطائفين) ٣/ ٢٦٤. والشيوخ هم: بلقاسم بن صابر ومحمد العبدلي وعبد القادر بن عبد الجبار والحاج أحمد بن بوجلال وعبد الله بن الداني، ومحمد بن إبراهيم الهمهام والجيلاني بن يحيى وسعيد البوزيدي ومحمد بن وارث وسيدي يخلف وبوعبدل بن لدغم، ونحوهم.
(٣) نفس المصدر، ٢/ ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>