للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نوه فيها بالرسم الجزائري، وبعد نفي سياسي خلال الثورة رجع إلى الجزائر بعد الاستقلال وتحصل على الجنسية الجزائرية وأصبح مستشارا في وزارة التربية، ولكنه لم يتخل عن اهتمامه بفن الرسم (١).

والخلاصة أن الجيل الجديد من الفنانين كان يعبر عن التحرر من المراسيم، بل كان يعبر عن قلق حقيقي، ويريد التخلص من القيود التي فرضتها الحياة الاجتماعية والهروب من الإطار التقليدي، فقد كانوا يعتقدون أنهم قادرون أيضا على إنتاج مناظر وآفاق تشهد على تصور رائع للفن الجميل، وذلك بتجاوز حدود المحرمات الايديولوجية، وهناك لوحتان وردتا مع المقال الذي رجعنا إليه في هذا الصدد، الأولى: لوحة مرسى الجزائر وخلفية الحياة بالمدينة لابن عبورة، كما أوردت مجلة (هنا الجزائر) على غلافها الفرنسي لوحة لبوزيد عنوانها (الموسيقار) وهو يمسك بالعود (٢).

ومما يلاحظه المرء عندما يدرس حياة هؤلاء الفنانين الجزائريين أنهم في جملتهم انتقلوا إلى فرنسا قبل الثورة أو أثناءها واستقروا فيها، وأنهم كانوا يمارسون هناك عملهم الفني وربما وظائف أخرى عادية، ولم تؤثر الثورة - فيما يبدو - في مسيرة حياتهم، وعندما تحقق الاستقلال بقي بعضهم في فرنسا، وأدركت الشيخوخة أو الموت بعضهم، كما أن بعضهم رجع إلى الجزائر وتولى فيها وظائف بارزة، مديرين ومستشارين، فهل كانوا على صلة سرية بالثورة فكافأتهم على نضالهم؟ أو كانوا يحملون معهم جواز السفر الإيديولوجي المتمثل في الواقعية والالتزام، وهو أكبر مؤهل في تلك الفترة؟ أو هي مجرد عمليات ملء الفراغ التي دأبت عليها مصالح جزائرية بإيعاز من البعثة الثقافية الفرنسية حفاظا على (الجزائر الفرنسية) في شكلها الثقافي؟


(١) نفس المرجع، ص ٢٤٦.
(٢) هنا الجزائر ٣٥، ١٩٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>