للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطاسيلي، أبهر العالم، سنة ١٩٥٦، إن هناك عدة لوحات اكتشفت واستخرجت من قبضة الرمال، وكانت اللوحة لفنانين صحراويين رسموها بريشة من شعر حيوان وحشي، ويرجع تاريخ بعض الصور إلى آلاف السنين قبل الميلاد، وكان مع الإنسان عندئذ سلاحه وآلته، وقد أثبت وجود الزرافة والدب البحري والفيلة (وكلها مرسومة على اللوحة) أن الصحراء كانت عامرة بالأعشاب الكثيفة، كما أن وجود الفرس المائي والتماسيح والأسماك قد دل على أن ما هو صحراء اليوم كانت تغمره المياه.

إن مكتشفات الطاسيلي تعبر عن فنون ما قبل التاريخ، وعصورها المختلفة: ظهور الإنسان، ثم الحصان ثم الجمل، مرورا بعصر الإنسان الذي له شكل رأس مكورة، إلى صور للإنسان في شكل عملاق له طول يصل إلى ستة أمتار، وفي العصر الثاني رسم الصحراويون حياتهم اليومية كالأعراس والرقص والغناء والرعي والحروب والفلاحة والنساء ... وفي هذا العصر ظهر الحصان، ولعله العصر الذي شهد آخر سكان الصحراء قبل اختفائهم نتيجة الجفاف، بحيث لم يبق في الصحراء سوى جماعات من البدو، وبذلك دخل عصر الجمل الذي يعتير آخر العصور لأن الجمل جاء من آسيا وهو الحيوان الوحيد الذي استطاع أن يتكيف مع البيئة الصحراوية (١).

أما الرسوم التي عثر عليها الباحثون وعرضوها على الناس فهي: رسم لفتاتين زنجيتين طول كل منهما أكثر من متر، لهما جيد طويل وثياب بيضاء، وعلى إحداهما رسم حصان، وهناك صورة أخرى تمثل أحد الرماة وزوجته، وفلاحا يمسك بحبل لصيد الحيوانات، وصورا لزنوج، ثم صورة لقناع يرجع إلى عشرة آلاف سنة، وهو في شكل وجه لثور له قرنان، أما آخر الصور فلراقصين وراقصات بأقنعتهم التي يتخذونها للتنكر، ويظهر على الرسوم التأثير


(١) محمد الميلي: صحراؤنا، تونس، ص ٢٦ - ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>