وقد درس أحد المهتمين ما قامت به بعثة هنري لوط في الطاسيلي سنة ١٩٥٦، وبناء عليه فهي بعثة ضمت رسامين ومصورين كلفوا برسم الفنون المنقوشة على الأحجار في الطاسيلي، فكانت النتيجة باهرة إن لم نقل إنها تعبر عن معجزة، حيث استطاع الرسامون والمصورون نقل ما عثروا عليه من رسوم وصور ونقوش سنة ١٩٥٧، لقد كانت الفكرة شائعة عن وجود رسوم في الصحراء ولكن دون تحديد إلى أن اكتشفت في شمال شرق الهقار بقيادة علماء الآثار والتاريخ، كان هنري لوط يريد نقل الرسوم قبل هذا التاريخ، ولكنه لم يتمكن من ذلك سابقا، لأنه كان في حاجة إلى رجال ومعدات، وقد استطاعت بعثته أن تنقل ما يزيد على الألف متر مربع من الرسوم المنقوشة والمطابقة للأصل بألوانها وأحجامها، ويرجع تاريخ هذه الرسوم إلى ٧ أو ٨ آلاف سنة، وهي تثير تساؤلات حول ترتيب الحضارات في الظهور، وإعادة النظر في القيم التاريخية والفنية والعلمية، مما يجعل هذه الرسوم نادرة المثال، فهي تمثل وجود أمة أو أمم عمرت بها الصحراء قبل التاريخ، وانتهت إلى درجة متقدمة من الرقي الاجتماعي وإقامة النظم الحضارية.
فهل هذه المكتشفات سابقة للحضارة المصرية القديمة، وهل تأثر المصريون القدماء بحضارة الصحراء أو العكس هو الصحيح؟ إن هذه المكتشفات الجديدة دلت على وجود حضارة صحراوية متقدمة للإنسان بحيواناته، وهي البقر والغزلان والفيلة والحمر الوحشية وغيرها، بل أن هناك رسوما تمثل الحروب والحياة الدينية والفنية، وقد بلغت بعض الرسوم درجة عالية من الكمال والإتقان الفني، أما ما أقدمت عليه البعثة من كشف ما عثرت عليه للجمهور والعلماء فهو جزء فقط من خطتها الشاملة، فقد نظمت البعثة معرضا لبعض الرسوم المنقولة، وهو معرض مفتوح أقيم في قاعة (بورد) وتردد