للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن البيئة الطبيعية والبشرية التي ولد وتريى فيها حوحو (سيدي عقبة / بسكرة) والبيئة التي هاجر إليها (الحجاز) متشابهة وذات أصول بشرية وجغرافية واحدة تقريبا، وكانت السنوات التي قضاها في سكيكدة مختلفة إلى حد كبير وكأنها كانت تهيئه لمهمة قادمة، فقد مكنته من معرفة أجواء الحياة الأوربية ومعرفة اللغة الفرنسية، ومن ثمة جمع بين بيئتين ولغتين وهو الأمر الذي مكنه من التحرر الفكري مع المحافظة على أصالته ومكنه من المقارنة بين هويتين، فساهم في السعودية بالترجمة من الآداب الفرنسية، وساهم في الجزائر في الرقي باللغة العربية بإدخال الأساليب الشرقية في التعبير، وبتناول موضوعات بأساليب لم تكن شائعة من قبل.

وكان اهتمامه المرتكز على الأدب والثقافة قد ميزه عن زملائه في الحركة الإصلاحية حين رجع من الحجاز، فهم كانوا مهتمين بالفقه والثقافة الإسلامية لأنهم يواجهون جمهورا محافظا، بينما كان حوحو لا يهمه ذلك كثيرا ما دام منسجما مع أفكاره ومتجاوبا مع قادة الإصلاح على المدى الإستراتيجي، بالإضافة إلى أنه كان يختلف عنهم في تحرره الفكري، فهو قد درس الفرنسية وآدابها، وعرف البيئة الشرقية المحافظة والمتحررة، كما تجول في أوربا وخالط أفكارها قبل رجوعه إلى الجزائر في وقت كانت فيه الحرب الباردة على أشدها بين المعسكرين، وكان ذلك في وقت يصنف فيه الأفراد والجماعات والدول على أساس إيديولوجي.

حتى عناوين مؤلفاته كانت تدل على اتجاه جديد لم يألفه الأدب العربي الجزائري، فلعل حوحو هو أول أديب نشر كتابا عنوانه ورمزه المرأة مثل (غادة أم الغرى)، و (صاحبة الوحي) على غرار عناوين قصص جورجي زيدان: فتاة القيروان، وعروس فرغانة.

وكان حوحو يعلن عن هوايته بدون حرج، فقد هوى الموسيقى وأسس


= حوحو، دار هومة، الجزائر، ص ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>