الثلاثينات رغم تداعيات الأحداث في الجزائر والبلاد العربية.
ولكن تيارا موازيا بدأ يظهر في الضفة الأخرى معبرا عن هموم المشاعر العاطفية والدينية والاجتماعية، وقد تمثل هذا التيار في الشعراء الذين احتضنتهم مجلة (هنا الجزائر) أمثال الأخضر السائحي والطاهر البوشوشي وأحمد الأكحل، والواقع أن هذا التيار قد استمر في تموجاته وعطائه حتى خلال الثورة.
لم يظهر أي أثر لنقد الشعر قبل الثورة، إذا استثنينا ملاحظات الإعجاب التي كان يبديها بعض الشيوخ عند سماعهم لقصيدة نظمها زميلهم الشاعر أو المعلم، لذلك كان الميدان خاليا من أصوات النقاد ومن محاسبة الشاعر على إنتاجه، فهو في ذلك ينظم الشعر في منتهى الحرية دون مراعاة الناقدين والمتذوقين.
عاش الشعراء الأزمة السياسية التي عرفتها البلاد عشية الثورة كما عرفها السياسيون، فقد أحسوا أن الجزائر قد فاتها ركب الثورة في تونس ومراكش وأن عليها اللحاق به، وكانوا غير راضين عن تصرف القادة مما جعلهم ينزعون ثقتهم منهم ويدعون إلى الوحدة الوطنية وتجاوز الأزمة، كما دعوا إلى عدم التحزب وتقديم المصلحة العليا للبلاد، ظهر ذلك في الشعر الذي قيل في جبهة الدفاع عن الحرية واحترامها (١٩٥١) على لسان محمد العيد مثل قصيدة (يا قوم هبوا) وقصيدة الصادق نساخ (اجمعوا الشعب)، كما ظهر في الشعر الذي نظم حول الاستفتاء على الوحدة الذي نظمته جريدة المنار سنة ١٩٥٣ والذي اشترك فيه الشعراء والكتاب والسياسيون والعلماء، لقد كان الشعراء يحسون ربما أكثر من غيرهم بجمود الوضع، لذلك كانوا يتحدثون عن البديل ويبشرون بغد جميل، كما في شعر أحمد سحنون سابق الذكر، ولمحمد العيد بالذات رأي مكتوب نثرا حول الوحدة المنشودة، ومن الملاحظ أن مفدي زكرياء لم يشارك في هذا الاستفتاء.