السلطات الفرنسية بالمقصلة، وقد نشرت القصيدة غير موقعة لا باسمه الحقيقي ولا باسمه المستعار، وهي القصيدة التي احتلت صفحة كاملة من الجريدة، ومطلعها:
قام يختال كالمسيح وئيدا ... يتهادى نشوان يتلو النشيدا
وهي من عيون شعر مفدي زكرياء في الثورة بل من عيون الشعر العربي الثوري التي سارت بها الركبان، وبقدر ما أثارته القصيدة من مشاعر الفخر والعطف والشفقة على زبانة بقدر ما فجرته من مشاعر الغضب والانتقام في نفوس الثوار والشباب، وكنا قد قرأنا هذه القصيدة في القاهرة فاشتعل الطلبة سخطا على الاستعمار، وأصبحت من محفوظاتنا ومن أحاديث مجالسنا.
قبض الفرنسيون على زبانة يوم ٨ نوفمبر ١٩٥٤ بعد إصابته بجروح وأودعوه سجن بربروس (سركاجي) بالعاصمة، ثم أصدروا ضده حكما عسكريا بالإعدام يوم ١٨ يونيو ١٩٥٦، وقد أعدم فجر اليوم التالي رغم نداءات مفتي الجزائر والحبر الإسرائيلي وأسقف الجزائر ورئيس الكنيسة الإصلاحية، حسبما جاء في جريدة المقاومة، وكان زبانة يردد، وهو يقاد إلى المقصلة، نشيد (أعصفي يا رياح) الذي كان يردده معه ٣٠٠٠ سجين من المناضلين في نفس السجن، وقد قدمت الجريدة للقصيدة بمقدمة طويلة ختمتها بقولها:(وهاكم قراء (المقاومة) هذا القصيد العظيم الذي اتصلنا به أخيرا من شاعر جزائري تسجيلا لاستشهاد هذا البطل الخالد، ألا في سبيل التحرير يطيب الفداء، وفي تمجيد التضحية والبطولة يحلو النغم ويسمو النشيد).
ثم توالت قصائد ابن تومرت في جريدة المجاهد بعد اختفاء جريدة المقاومة، فنشرت له الأولى قصيدة (وتكلم الرشاش ..) وجعلت لها عنوانا فرعيا هو (من وحي ذكرى ٥ جويلية)، وتعني به ذكرى احتلال الجزائر سنة ١٨٣٠، وهي أيضا من القصائد الطوال ومن عيون شعر الثورة، وقد أورد فيها الشاعر إشارات تاريخية كحادثة المروحة، واليهودي المرابي بوشناق، ومسألة