البعض يقول إن سبب انتقاله يرجع إلى بوادر الحرب العالمية بين فرنسا وألمانيا، في القاهرة التحق الورتلاني بالأزهر الذي وفر له الغطاء كما فعل مع العديد من قيادات العالم الإسلامي سابقا، فأصبح الورتلاني ينشط في حركة الإخوان، ووجد في الشرق مجاله في الخطابة والأضواء، كما وجد الميدان المغاربي فارغا فملأه.
لم يكن هناك أي زعيم سياسي بعد من المغرب العربي في مصر، فلا الخطابي، ولا الفاسي، ولا بورقيبة، ولا الثعالبي، ولا المكي ولا الإبراهيمي
كان في القاهرة عندما حل بها الورثلاني، كان الشيخ الثعالبي يملأ الساحة المشرقية خلال الثلاثينات ولكنه رجع من مصر إلى تونس سنة ١٩٣٧، أي سنة واحدة قبل حلول الورتلاني بمصر، ولم يكن الشيخ أطفيش الرجل المناسب للقيادة عندئذ، ولا حتى الشيخ محمد الخضر حسين الذي جمع بين الأصول الجزائرية والأرومة التونسية، والذي كان رجلا متفرغا للعلم أكثر من السياسة، فكان مجال القيادة في الشؤون المغاربية مفتوحا أمام الورتلاني وحده تقريبا، فأسس هو والشيخ الحسين جبهة الدفاع عن شمال إفريقيا (١٩٤٢) وهي التي مهدت لميلاد مكتب المغرب العربي بزعامة الخطابي سنة ١٩٤٧، كما مهدت أيضا لالتحاق قيادات المغرب العربي بالقاهرة.
لم يكتف الورتلاتي بهذا النشاط الذي شمل التعامل مع الجامعة العربية الجديدة (١٩٤٥)، ونشاط جمعية الشبان المسلمين وحركة الإخوان وإنما صعد سلم الزعامة كخطيب شجاع ومتحدث مؤثر وسياسي داهية، فأرسله الإخوان في مهمة حساسة وخطرة إلى اليمن وغيره، ونتج عن ذلك الشروع في إصلاح الأحوال باليمن ثم حدوث الثورة على الإمام يحيى حميد الدين، وهي الأحداث التي مهدت للثورة اليمنية سنة (١٩٦٢)، وعندما التحق الشيخ الإبراهيمي بالمشرق سنة ١٩٥٢ نسق مع الورتلاتي ما يتعلق بالبعثات الطلابية والعلاقة مع حركة الإخوان، والنهضة الإسلامية، وهي أمور ما زلنا إلى الآن نعرف ظواهرها ولا نعرف بواطنها.