ولكن كتاب (الجزائر الثائرة) إذا قرئ بتأن يجيب على أسئلة عديدة تلح على الباحثين، فهو كتاب يضم وثائق هامة من الناحية التاريخية تبدأ من ميلاد جبهة الدفاع عن شمال إفريقيا إلى ظهور الكتاب نفسه سنة ١٩٥٦، مرورا بأحداث الثورة المصرية والجزائرية، وكان اسم الفضيل الورتلاني يظهر إلى جانب اسم الشيخ الإبراهيمي في الوثائق الصادرة عن مكتب جمعية العلماء والمتعلقة بتبني الثورة ودعمها شعبيا، ودعوة العالم العربي الإسلامي إلى مساندتها، كما كان اسمه يظهر في المراسلات كالبرقيات والرسائل التي تصدر عن مكتب الجمعية بالقاهرة، وإذا كان الشيخ الإبراهيمي قد جاء إلى مصر عندئذ على كبر وعلى مرض فإن الورتلاني وجد في الإبراهيمي مفتاحا يدير به سياسة الجمعية في المشرق مع الحكومات والمنظمات والشخصيات، ومن الطبيعي أن تثير هذه الشخصية النافذة والمؤثرة حساسية زملائه الذين التحقوا بالقاهرة هاربين من الجزائر بعد حادث بريد وهران واكتشاف المنظمة الخاصة، مثل محمد خيضر وأحمد بن بيلا وحسين آيت أحمد، وأن تتقاطع أحيانا مع نشاط الشاذلي المكي، وأحمد بيوض، وبوجملين هناك، فمن الذي يمثل الجزائر. ومن له الصوت العالي والسمعة الرفيعة، ومن القادر على التأثير في جماهير الشرق وأعيان الشرق، ولولا الثورة المصرية وضباطها الأحرار وإعلان جمال عبد الناصر في (فلسفة الثورة) عن دوائره الثلاث لما استطاع زعيم آخر أن يبز الورتلاني أو يزعزع مكانته كمتحدث باسم الجزائر وجمعية العلماء في المشرق، بل كزعيم من زعماء حركة الإخوان المسلمين.
إن كتاب (الجزائر الثائرة) مجموعة من الوثائق والتصريحات والبيانات والمراسلات غير المنظمة، فهو يشمل مقالات كتبها صاحبه في الصحف، خصوصا: بيروت، المساء، والمنار ... كما يشمل البيانات التي أصدرها مع الإبراهيمي في الثورة وحول الثورة، أو أصدرها وحده، وللكتاب تصدير من عشر صفحات مكتوبة في بيروت في رجب ١٣٧٥ /فبراير ١٩٥٦ وعنوانه (التعاون مقدس والتعارف أقدس) وهو يعني تعارف العرب جميعا، قال