الجداول، وقد سار فيه على منهج الجزء الأول من تقسيمه إلى فصول ودول، وهو يتناول التاريخ في شكله الشمولي: السياسة والاقتصاد والعسكرية والثقافة والعمران، ويذكر لكل فترة مشاهيرها من العلماء وغيرهم، ولكن فهرسه يدل على أنه تناول الدول الآتية: الدولة الحفصية ومشاهيرها في الجزائر، والدولة المرينية ومشاهيرها، والدولة الزيانية ومشاهيرها، ثم القسم الثالث: أي العهد العثماني ومشاهيره، ويفهم من ذلك أن القسمين الأول والثاني قد عالجهما المؤلف في الجزء الأول، ومن الملاحظ أنه جعل عنوان القسم الثالث: الجزائر (المكافحة)، وهو تعبير عصري لم يكن شائعا في العصر العثماني، أما التعبير الشائع عندئذ فهو الجزائر المحروسة، والجزائر المجاهدة ... وقد ظهر هذا (الكفاح) في الحرب بين إسبانيا والأتراك، وكانت الجزائر في نظر الجيلالي (مكافحة) ضد الأسبان، وقد درس بالطبع الدولة التركية - العثمانية، وعصر البايلرباي، وعصر الباشوات.
ومن أراد أن يعرف رأي الجيلالي في التاريخ عموما وفي تاريخ الجزائر خصوصا فعليه بالرجوع إلى الحديث الذي أعطاه إلى جريدة (المنار) عند صدور الجزء الأول من كتابه (١٩٥٣)، فقد جاء فيه أن دافعه لكتابة تاريخ الجزائر هو غموضه وتشعبه وتشتته، وأنه لم يدرس إلى الآن دراسة واضحة، وأنه أراد تطهيره من هذه العيوب، وأن يظهر أن لهذه الأمة تاريخا ماجدا تفتخر به، وقد شرع في كتابة كتابه مع الحرب العالمية الثانية، أي عند انشغال التاس بالحرب، وكان يعتقد أن حالة الطوارى التي فرضتها الحرب سينتج عنها تغيير في الحياة الاجتماعية، فرغب في التعريف بالجزائر في الغابر والحاضر، أما عن مصادره فقال إنه رجع إلى المخطوطات، كما رجع إلى الكتب الأجنبية فيما قبل الإسلام وإلى الكتب العربية فيما بعد الإسلام، ويبدو أنه قد غير رأيه في تقسيم الكتاب لأنه كان سيضع الجزء الأول في مجلدين ثم ضمه إلى بعضه وجعله مجلدا واحدا، وتوقع للكتاب رواجا واسعا يسدد نفقاته، واعتبر قلة القراء هي السبب في خلو الساحة من حركة التأليف والنشر، ووصف طريقته في التأليف