الجزائريين منذ نفيه من تونس إلى موطن أجداده سنة ١٩٢٥، فهو صاحب تقويم المنصور، وكتاب الجزائر، والمسلمون في صقلية، وحنبعل، وقرطاجنة، وغيرها، وقد ذكرنا بعضا من هذه التآليف في كتابنا التاريخ الثقافي (جزء ٧).
وحين التحق المدني بالجبهة واستقر في القاهرة سنة ١٩٥٦، كان مقره هو مكتب جمعية العلماء الذي كان الشيخ الإبراهيمي والفضيل الورتلاني يشغلانه، والظاهر أن هذا المكتب قد أصبح منذ ١٩٥٦ مقرا أيضا لجبهة التحرير إذ طالما كان هو وليس مكتب المغرب العربي، محل اجتماع قادة الجبهة واستقبال ضيوفهم، وفيه التقيت شخصيا بعدد منهم، كالشيخ الإبراهيمي، وفرحات عباس، وأحمد فرنسيس، والأمين دباغين .... كما التقيت فيه بالمؤلف نفسه عدة مرات، لقد كنت آتيه فأجده معتكفا على تحرير (هذه هي الجزائر)، أو يتخير له الصور والخرائط، أو يصحح تجاربه (البروفات)، إن توفيق المدني قد ألف هذا الكتاب بطلب من زملائه في الجبهة ومن مؤتمر الخريجين العرب وغيرهم الذين كانوا يريدون معرفة مختصر تاريخ الجزائر من مصدر موثوق ومطلع وبأسلوب عربي سهل يسمح بالإطلاع السريع دون أن يمل قارئه.
انتهى المدني منه في يوليو وصدر عن مكتبة النهضة المصرية سنة ١٩٥٦. وكان الشيخ قد التحق بالقاهرة في شهر أبريل، فيكون قد ألف الكتاب في ظرف شهرين ونصف تقريبا، وقد أهداه (إلى ضحايا الحرية في الجزائر ... إلى الشهداء،) ويظهر هدف التأليف من قول أحمد توفيق المدني: (الأمة الجزائرية والقطر الجزائري اسمان خالدان مقدسان توارثهما الجزائريون الحاليون) وهم عشرة ملايين، ألف الله بين قلوبهم في الكفاح، ومع ذلك فإن العالم العربي والعالم عموما لا يعرف عن الجزائر الشيء الكثير)، ذلك أن الاستعمار الفرنسي قد أقام بينهم وبين العالم الإسلامي والعالم العربي والأمم الحرة حواجز وعراقيل، ومع ذلك لم يستطع فرض إرادته، بل إن الشعب الجزائري هو الذي فرض إرادته، لذلك فإن العالم العربي يريد أن يعرف عن الجزائر وشعبها، وهذا ما يقوم به المؤلف.