الاستيلاء على ما بقي من الأوقاف الإسلامية في الوقت الذي يطالب فيه المسلمون بإرجاعها كلها إلى جماعة المسلمين، وفي الوقت الذي أعلن فيه الحاكم العام أن إدارته سترجعها إليهم حسب دستور سنة ١٩٤٧.
وبعد مشادات بين عمر بوضربة رئيس المكتب الخيري الإسلامي والحكومة. وبعد تدخل أطراف فرنسية، رضيت الحكومة بمنح قسط من الضريبة إلى المكتب الخيري الإسلامي، لكن الإدارة الاستعمارية طبقت سياسة التمييز فمنحت المكتب الإسلامي الثلث فقط من تلك الضريبة، أي ثلاثين في المائة من المبلغ المذكور بينما المكتب الأوروبي الذي لا يكاد يوجد له فقراء يأخذ منها سبعين في المائة، وقد علقت البصائر على ذلك بقولها: لو قسمت الضريبة مناصفة بين المكتبين لنال المسلمين منها ٤٧ مليونا بدل أربعة (١).
أما مقالة نور الدين عبد القادر عن أصل وقف القينعي فقد نشرت سنة ١٩٦٠ واحتوت على معلومات هامة لم نكن قد اطلعنا عليها عندما كتبنا عن الأوقاف في كتابنا السابق، اعتمد نور الدين على عدة وثائق وعلى ثلاثة معاصرين ممن عرفوا القينعي شخصيا وكانوا من المتقدمين في السن.
ولد القينعي - بناء على أغلب التقدير - في مدينة البليدة في عهد الداي مصطفى باشا (أوائل القرن التاسع عشر) وهو من قبيلة (بني قينع) القاطنة بين بوينان وتابلاط، وبعد رشده اشتغل بالتجارة، قبل الاحتلال، وكان يتردد على العاصمة، فتكفل بعد الاحتلال بصنع السراويل والبرانيس والشواشي للجند الفرنسي - وهي بضاعة عادة تصنع من الملف الملون المطرز، كما تكفل لهم بصنع المصنوعات الجلدية التي يحتاجها فرسانهم ومشاتهم، فوظف القينعي عمالا وراجت تجارته وكثرت أملاكه وماله، واشترى الأراضي في متيجة كما اشترى العقارات، وكان يتعامل بالربا، ويتابع من يستدين منه أو يتأخر في الرد. على يد الحاكم، وكان حريصا كل الحرص على المال، وحين وفاته لم يمش