في جنازته إلا عدد قليل، وقد سموا عليه شارعا في حارة الجبل بالعاصمة.
كان القينعي يلبس قفطانا، ولا يهتم باللباس إلا في حالات نادرة، ولكنه كان دائما نقي اللباس، وقد أصبح صاحب ثروة ضخمة، وينزل عند صديقه قائد الشمع في البليدة، وكان متواضعا يعيش عيشة بسيطة، ويتصدق على المحتاجين بلا رياء، وكان هدفه هو فعل الخير، وفي كل خميس يذهب إلى ضريح سيدي عبد الرحمن الثعالبي ويحضر قراءة بعض الأحزاب، ويعطي لكل قارى مالا وهو ما يسمى (بحزب القينعي) الذي ما يزال منتظما إلى سنة ١٩٦٠، كما كان يزور ضريح سيدي أحمد الكبير في البليدة.
أوقف القينعي أملاكه على فقراء المسلمين بمقتضى رسم مسجل بالمحكمة المالكية بالجزائر بتاريخ ٢٩ مارس ١٨٦٠، وبناء عليه فان كل أملاك القينعي وما سيملكه من عقار ودور ومصوغ وأثاث ينتفع به مادام على قيد الحياة، وبعده يؤول إلى فقراء مدينة الجزائر، وقد أوصى لابنه الوحيد الحاج محمود القينعي بمائة وخمسين فرنكا كل شهر وبالسكنى بلا كراء، كما أوصى لأخته الشقيقة عائشة بخمسة وسبعين فرنكا وبالسكنى بلا كراء في دار قرب جامع سفير، وأخيرا أوصى لزوجته عائشة بنت إسماعيل بخمسة وسبعين فرنكا شهريا، وتكفلت (دار الصدقة) بهذا الوقف عوضا عن مفتي وقاضي المالكية، وكلاهما مذكور في رسم الوقف (١).
وهناك معلومات إضافية أوردها نور الدين عن حياة السيد القينعي، منها أنه كان يسكن في زقاق قرب (ضريح) ابن ميمون بحارة الجبل بالجزائر، وأنه توفي في البليدة يوم ٩ يناير ١٨٦٨ وهو في الخامسة والتسعين، وربما كان عمره أقل من ذلك، حسب نور الدين، أما ابنه الحاج محمود فقد توفي قبله بسنوات، وفي سنة ١٩٣٤ جدد قبر القينعي وأحيت (دار الصدقة) ذكراه بهذه المناسبة.
(١) دار الصدقة مؤسسة خيرية أنشئت سنة ١٨٥٧ في عهد نابليون الثالث، أنظر عنها كتابنا التاريخ الثقافي، ج ٣.