سالم، كان عضوا في حزب البيان ونائبا في المجلس الجزائري، وكان من النواب الواحد والستين الذين استقالوا دفعة واحدة من المجلس بعد أن لم يعودوا يمثلون إلا أنفسهم، وقد التحق الوالد بعد ذلك بتونس حيث مارس الطب في مستشفى الحبيب تامر إلى انتهاء الثورة.
في الصيف كان جمال يأتي إلى الجزائر لزيارة الأهل فيخوض فيما يخوضون ويتبادل الرأي معهم فيما يجري في الجزائر وفرنسا، كان الطلبة في الواجهة، وخصوصا بعد ١٩٥٥، وعليهم أن يقرروا موقفهم من الثورة، فقد أسسوا الاتحاد العام، ثم قرروا الإضراب عن الدراسة والامتحانات في مايو ١٩٥٦، ماذا يفعلون بعد ذلك؟ التحق بعضهم بالثورة مباشرة، وآخرون بتونس أو المغرب أو البلدان الأوروبية لمواصلة الدراسة، ولكن آخرين كان عليهم أن يلتحقوا بجيش التحرير ويصبحوا من الكوادر الطبية.
كان جمال عندئذ في السنة الثانية رفقة محمد خميستي رئيس فرع الاتحاد العام للطلبة في مونبلييه ورئيس الاتحاد قبل اعتقاله، تعلم جمال مبادى الجراحة في البرج صيف ١٩٥٥ عند زيارته العائلية، وبنصيحة من والده سمح له الطبيب الجراح (قرانج) بممارسة مبادى الجراحة، وفي هذا الصيف أيضا حدثت أحداث شهر أغسطس (أوت) المعروفة في سكيكدة فكانت موضع الحديث بينه وبين زملائه، وقد انضم إليهم المسؤول السياسي في البرج، وكانت الشائعات تروج حول أعمال الجبهة وحاجتها إلى الممرضين والأطباء، وعن الحركة المصالية، وجماعة مكافحي الحرية الشيوعية، جاء جمال إلى تونس على ظهر سفينة من مرسيليا، كان ذلك في نهاية شهر ديسمبر ١٩٥٦ بعد أن تبين أن دورة أكتوبر قد انتهت بدون امتحانات، التحق بأبويه اللذين سكنا في سيدي بوسعيد، وانضم إلى جبهة وجيش التحرير، كان أحمد محاس هو ممثل الجبهة في تونس، أما ما يتعلق بالطب فقد كان تحت إشراف الدكتور محمد نقاش، في تونس عوضت الكوادر الطبية الجزائرية عندئذ الكوادر الفرنسية، وقد وجد الجزائريون ترحيبا خاصا من أهل تونس.