وأثناء وجوده في تونس كان جمال يمارس الطب مع الدكتور العقبي في مستشفى سوسة، بعض الوقت، وفي تونس العاصمة التقى بالعقيد عميروش، ووقع تعيينه في الولاية الثالثة، فدخلها في سيارة مغطاة، مع ستة من الطلبة خمسة منهم في الطب وسادسهم في الرياضيات، فمروا بساقية سيدي يوسف ثم سوق أهراس ومنها إلى قلعة بني عباس.
في الولاية الثالثة اشتغل جمال بن سالم في المنطقة الأولى مع الضابط سي حميمي، كان ذلك بطلب من القائد عميروش نفسه، استعان ابن سالم لاستحضار ذكرياته بعناصر من جيش التحرير الأحياء خصوصا سي حميمي (حامد دهيل)، وهو يعتبر كتابه هذا من نوع (الكرونيك) أو ثبتا بالأحداث التي عاشها بين ١٩٥٤ - ١٩٦٢، وأهداه إلى زملائه المكافحين، تلاميذ الثانويات، وطلاب الجامعات الذين التحقوا - رغم أنهم لم يكملوا دراستهم وكانوا يجهلون الأمكنة وظروف العيش في الجبال - ليكافحوا إلى جانب أهل الريف ضد عدو يفوقهم عددا وعدة، وبعض هؤلاء الطلاب - مثل ابن سالم نفسه - كانوا قبل ذلك منعمين يعيشون عيشة راضية، وكان أبوه متزوجا من عائلة تامزالي الغنية.
لا شك أنه لم يكن وحده عندما شعر وهو في الميدان أنه خير وريث للحضارة العربية الإسلامية وخير معبر عن صوت الأجداد، وأنه هو وزملاؤه قد رفعوا التحدي في وجه الاستعمار باسم: المفاوضات هي الحرب، وقد ذكر أنه عندما كان في مونبلييه كان يعرف أنه في كلية أنشئت أصلا من أجل الطب العربي حيث كان يتردد عدد من طلاب العالم، واعتبر ذلك تكريما للإسلام، وكان عدد الطلبة الجزائريين في جامعة مونبلييه كبيرا نسبيا حتى أن اثنين منهم أصبحا عضوين في مكتب الجمعية العامة للطلبة.
أما محتوى الكتاب فهو مقسم إلى قسمين: الأول فيه هذه أسلحتنا وهؤلاء أطباؤنا، والثاني قمة سي حميمي، والواقع أن القسم الأول هو الأكبر حجما (ص ٧ - ٢٤٧)، أما القسم الثاني فيضم من (ص ٢٤٩ - ٢٨٩)، ومن