للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيوخه من المغرب والمشرق، كما عرفنا. وتضمن كتابه (روض الآس العاطر الأنفاس في ذكر من لقيته من علماء مراكش وفاس) مجموعة من شيوخه في السند. وذكر بعض الباحثين أن للمقري أيضا (فهرسة) بأسانيده (١). وقد كان المقري في معارفه الكثيرة وطموحه البعيد ومحفوظه الغزير نقطة مضيئة في ظلام الثقافة الجزائرية خلال العهد العثماني (٢).

وشهد القرن الثاني عشر أيضا موجة أخرى من العناية بالحديث رواية ودراية على يد مجموعة من العلماء، منهم المنور التلمساني الذي لا نكاد نعرف له تآليف غير مجموعة من الإجازات التي منحها له شيوخه في المغرب والمشرق. ومن شيوخه في الجزائر مصطفى الرماصي. وأما مشائخه في المشرق فقد ذكر منهم عبد الحي الكتاني أبا عبد الله محمد المسناوي وستة آخرين. وقد حصل الكتاني على معظم إجازات المنور. والأوصاف التي أطلقت على هذا الشيخ تدل على باعه الطويل في علم الحديث والسند حتى أن محمد مرتضى الزبيدي قال عنه: (العالم الفاقد للأشباه .. عالم قطر المغرب). ولعل هذا الإعجاب بالشيخ المنور يعود إلى كونه من الذين أجازوا الزبيدي أيضا. وقد توفي المنور بمصر أثناء عودته من الحج سنة ١١٧٢. ويؤكد الكتاني أن علماء الجزائر في وقته كانوا يروون مرويات المنور في الحديث (٣).

وكان المنور التلمساني معاصرا لأحمد بن عمار الذي يعتبر من مسندي العصر ومن المؤلفين في السند أيضا. كان ابن عمار أديبا فقيها بالدرجة الأولى، ولكن تأثير العصر جعله يعيش عيشة العلماء الفقهاء أيضا. فأخذ الطريقة الشادلية عن المنور التلمساني، وأخذ (طريق القوم) عن


(١) الكتاني (فهرس الفهارس) ٢/ ١٣. انظر أيضا (خلاصة الأثر) ١/ ٣٠٥. وله سند برواية صحيح البخاري مع إجازته لعيسى العجلوني في دار الكتب المصرية، مصطلح الحديث، رقم ٣٣٥ مجموع.
(٢) ستفرد للمقري ترجمة في فصل الأدب من هذا الجزء.
(٣) الكتاني، ٢/ ٩. انظر عنه أيضا في الإجازات.

<<  <  ج: ص:  >  >>