للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الجزائريين الذين انتقل منهم علم الحديث إلى علماء آخرين نذكر محمد التنسي وابن مرزوق المعروف بالكفيف، ومحمد بن يوسف السنوسي وعبد الرحمن الثعالبي ومحمد بن عبد الكريم المغيلي وأحمد الونشريسي (١). وكان لهؤلاء تلاميذ أخذوا عنهم علم الحديث جيلا بعد جيل. وقد اشتهروا (بالحفظ) وهي الظاهرة العامة التي تحدثنا عنها. ولذلك أشير إلى محمد بن عبد الله بن عبد الجليل التنسي بأنه (الإمام المحدث الحافظ) وسماه بعضهم (ببقية الحفاظ). ومهما يكن من شيء فإن ثبت التنسي قد وصل إلى العهد العثماني عن طريق سعيد قدورة وأحمد المقري وغيرهما.

ومن الذين تركوا (ثبتا) أوائل العهد العثماني محمد شقرون بن أحمد الوهراني. وقد قيل إن ثبته يقع (في جزء لطيف) مما يبرهن على كثرة شيوخه ومروياته. والمعروف عن الوهراني أنه قد ألف في علوم أخرى أيضا وكان واسع الاطلاع بحكم الدراسة والتنقل (٢). ولا نعرف أن عمر الوزان وعبد الرحمن الأخضري وسعيد المقري قد تركوا أثباتا بشيوخهم وأسانيدهم. وقد اشتهر في القرن الحادي عشر عدد من العلماء الذين ولعوا بالحديث رواية ودراية وتركوا وراءهم مروياتهم وشيوخهم في فهارس تحمل أسماءهم أو نقلوا مروياتهم إلى تلاميذهم فأخذوها عنهم مشافهة. وكان حظ بعض التلاميذ أوفر من حظ الأساتذة في تسجيل هذه الآثار. ولعل أبرز من سجل المرويات وولع بالحديث دراية ورواية أبو مهدي عيسى الثعالبي الذي ترك سجلا حافلا بذلك. ولأهمية عمله سنفرد له ترجمة في هذا الفصل. وقد كان أحمد المقري، رغم ولوعه بالأدب والتاريخ، قد أخذ سند الحديث عن


(١) عن هؤلاء العلماء انظر الفصل الأول من الجزء الأول. باسثناء ابن مرزوق الكفيف الذي لم نذكره هناك. وهو من مشاهير المسندين أيضا حتى سماه معاصره أحمد الونشريسي (بالحافظ المصقع). وقد أخذ العلم عن والده محمد بن مرزوق الحفيد وعبد الرحمن الثعالبي، كما حج وأخذ عن علماء المشرق والمغرب. وتوفي سنة ٩٠١. وله (ثبت) يرويه عنه العلماء. انظر عنه (فهرس الفهارس) ١/ ١٩٧.
(٢) (دليل مؤرخ المعرب) ٢/ ٣٠٠. توفي الوهراني حوالي ٩٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>