للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قسنطينة (التي بقي فيها يوسف باشا حوالي سنة) وذكر قجال التي جرت فيها معركة كبيره بين جيش اشبن الصخري وجيش العثمانيين، كما ذكر نواحي الزاب التي زارها أيضا يوسف باشا متتبعا آثار ابن الصخري (١).

كان الثعالبي إذن في غمرة الأحداث التي جرت بالجزائر حوالي منتصف القرن الحادي عشر (١٧ م) وقد وجد نفسه أخيرا بدون سند. فبعد وفاة شيخه الأنصاري ووفاة ولي نعمته يوسف باشا، أصبح خائفا على نفسه. فهو لم يعد إلى مدينة الجزائر التي استولى فيها على الحكم خصوم يوسف باشا. ويبدو أنه لم يطل الإقامة في قسنطينة أيضا لأنها كانت تشهد هي أيضا موجة من العنف والاضطراب. ولا شك أنه قد اتصل فيها بشيخ الإسلام عندئذ، عبد الكريم الفكون وروى عنه الحديث ونحوه (٢). ولكنه لم يلبث أن غادر قسنطينة إلى حيث يكون بعيدا عن العيون، وقد أورد العياشي أن الثعالبي ظل يتنقل بين زواوة وقسطينة وبسكرة، وأنه في الأخيرة قد أقام عند الشيخ أحمد بن المبارك التواتي، كبير أولاد سيدي ناجي عندئذ، وعندما توفي الشيخ التواتي حوالي سنة ١٠٦٠ لم يبق للثعالبي إلا أن يغادر الجزائر مغادرة نهائية حيث وجد نفسه، كما يقول العياشي، (الذي لا شك أنه كان ينقل عن الثعالبي نفسه) بدون أهل وإخوان.

غادر الثعالبي الجزائر سنة ١٠٦١ قاصدا الحج. وكثيرا ما كان قصد الحج وسيلة للخروج أو الهروب من الجزائر. ومهما كان الأمر فقد يكون الثعالبي مر بعنابة ومكث عند أسرة البوني التي كانت تتمتع بسمعة هائلة في عنابة ونواحيها. ولكننا لا نملك الوثائق على ذلك (٣). ومن المؤكد أن الثعالبي قد مر بتونس ولعله أقام فيها بعض الوقت والتقى ببعض علمائها.


(١) أورد الرسالة مترجمة إلى الفرنسية السيد فايسات (روكاي)، ١٨٦٧، ٣٣٩.
(٢) كان الفكون من أنصار العثمانيين أيضا مثل الثعالبي، وقد ترجم له الثعالبي في ثبته (كنز الرواة). فالفكون إذن كان من شيوخ الثعالبي.
(٣) كانت أسرة البوني (وهي من العلماء والمرابطين) تؤيد العثمانيين أيضا. انظر مراسلاتها مع يوسف باشا وغيره. مخطوط باريس ٦٧٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>