للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حامد القاكي بحديث الرحمة المسلسل والصيانة والمصافحة والمشابكة وتلقين الذكر .. وغير ذلك (١). وللثعالبي تلاميذ كثيرون في علم الحديث إما أخذوه عنه مباشرة بالدرس والإجازة وإما بطريقة غير مباشرة.

وإذا كان الثعالبي مشهورا برواية الحديث ووفرة العلوم والذكاء والدرس المهاب فإنه غير مشهور بكثرة التأليف. ويبدو أنه ممن كانوا منقطعين للقراءة والتدريس، ومع ذلك فقد ترك بعض الأعمال ذات القيمة الكبيرة في موضوعها. من ذلك فهرسته أو ثبته المعروف (بكنز الرواة) الذي ترجم فيه لشيوخه من المغاربة والمشارقة. كما ينسب إليه (رجز في مصاعفة ثواب هذه الأمة) (٢).

ويعتبر (كنز الرواة) العمل الرئيسي الذي كتبه الثعالبي. فقد تتبع من أجله خزائن الكتب الكبيرة في مصر والحجاز واستخرج منها نوادر التآليف وقيد الكثير منها، ودرس تلك المصنفات والمجاميع والمسانيد والأجزاء بحسب أزمنة مؤلفيها، فكان يختار من كل كتاب أعلى ما فيه، وضبط من الأسماء والأنساب ما قل أن يوجد عند غيره، وأبان عن طرق الرواية التي كانت مخفية عند غيره (فهو نادرة الوقت ومسند الزمان) (٣). وقد حصل العياشي على نسخة غير تامة من (كنز الرواة) وأجازه بها الثعالبي. وقد أعجب العياشي بهذا الفهرس أشد الإعجاب فقال إن الثعالبي قد (سلك فيه مسلكا عجيبا ورتبه ترتيبا غريبا جمع فيه من غرائب الفوائد شيئا كثيرا، وهو إلى الآن لم يكمل، وإذا من الله بإكماله يطلع في عدة أجزاء). وقد رتبه الثعالبي على أسماء شيوخه فيعرف بكل منهم ويذكر ما له من المؤلفات والمقروءات والشيوخ، ثم يذكر ما قرأه هو على كل شيخ من العلوم والمؤلفات، ويوضح سند الشيخ في الكتاب الذي يدرسه عليه، كما يترجم


(١) نفس المصدر، رقم (١٧٣ طلعت)، مصطلح الحديث.
(٢) بروكلمان ٢/ ٩٣٩.
(٣) العياشي (الرحلة) ٢/ ١٣٢. عن الثعالبي انظر أيضا (نشر الشمثاني) للغقادري ٢/ ٢٠٤ (الترجمة الفرنسية).

<<  <  ج: ص:  >  >>