للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستحق التنويه والتعريف، وهو أحمد بن قاسم بن محمد ساسي البوني. والبوني ينتسب إلى أسرة عريقة في العلم والتصوف، وهو تميمي النسب، كما كان يضيف ذلك إلى اسمه في المخطوطات التي رأيناها له. والذي يعنينا هنا ليس نسب البوبي ولكن مساهمته في الحياة الثقافية، ولا سيما علم الحديث الذين نحن بصدده. ولما كان البوني قد أخذ الحديث على جده بالدرجة الأولى، ولما كان جده قد جمع بين الفقه والتصوف فقد رأينا أن نسوق كلمة عن جده أيضا.

كان محمد بن إبراهيم ساسي البوني من أبرز مرابطي وعلماء القرنالحادي عشر في عنابة، كما عرفنا (١) فقد كان تلميذا للشيخ طراد، مرابط عنابة ونواحيها، ثم انفرد هو بالفقه والتصوف حتى أصبح، كما يقول معاصره الفكون، مسموع القول عند الخاصة والعامة. وقد أشرنا إلى بعض نفوذه الروحي في المنطقة وسلوكه الصوفي واستعماله الإنشاد والموسيقى والشعر والحضرة الصوفية. ومن الخاصة الذين كان محمد ساسي مسموع الكلمة عندهم يوسف باشا حاكم الجزائر أثناء ثورة ابن الصخري في شرق البلاد. وقد كانت عنابة ونواحيها قد تأثرت بهذه الثورة، فبعث الباشا إلى محمد ساسي يطلب تدخله لدى الأهالي، ويشير عليه باستعمال نفوذه الروحي لديهم، ويعلمه بأنه ما تخلى عن حرب الإسبان في وهران إلا لأن الأحوال في شرق البلاد قد أوجبت ذلك. فكان رد محمد ساسي عليه هو طلب العفو على الأهالي وعدم استعمال القوة ضدهم. وقد استجاب الباشا لطلبه ولكنه أخبره بأنه لم يفعل ذلك إلا مراعاة لقيمته عنده وقيمته لدى السكان ولمكانته الدينية (٢).


(١) انظر عنه فصل المرابطين من الجزء الأول. وقد تحدث عنه الفكون في (منشور الهداية).
(٢) هذه المراسلات بالمكتبة الوطنية - باريس، رقم ٦٧٢٤، وقد ترجم السيد فايسات إلى الفرنسية رسالتي الباشا إلى محمد ساسي، انظر (روكاي) ١٨٦٧، ص ٣٤٤ - ٣٤٨، ولكنه لخص فقط رسالة محمد ساسي إلى الباشا. انظر دراستي لهذه المراسلات في (الثقافة) عدد ٥١، ١٩٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>