ورغم أن محمد ساسي قد أثار بعض علماء الوقت ضده لمبالغته في التصوف واستعمال بعض الطرق غير السليمة لجلب المال فإن حفيده أحمد بن قاسم ساسي، قد لاحظ أن الفقه والتصوف قد غلبا على جده (حتى امتزجا فيه). وقد عدد له بعض التآليف التي لا تخرج عن التصوف والتي سنعرض إليها في حينها. أما الفقه فلم يذكر له منه شيئا رغم أنه قال إن له غير ذلك من التآليف، كما أنه لم يذكر له تأليفا في علم الحديث. ومهما كان الأمر فإن علاقة أحمد البوني بعلم التصوف علاقة وطيدة إذا حكمنا من أثر جده فيه. ولعل ما قاله عن جده من أن الفقه والتصوف قد امتزجا فيه يصدق أكثر عليه هو. ذلك أن تآليفه الكثيرة قد جمعت فعلا بين التصوف والفقه وغيرهما من العلوم. فقد ألف أحمد البوني تآليف كثيرة بلغت، كما أخبر بنفسه، أكثر من مائة تأليف، بدون المنظومات والمقطوعات. وهو الذي كتب تأليفا خاصا سماه (التعريف بما للفقير من التواليف.). ومن هذه التآليف ما كمل ومنها ما لم يكمل، ومنها الشعر والنثر، كما أن منها ما يدخل في باب الحديث والسنة وما يتناول غير ذلك. وقد اطلعنا على بعض أعماله فكان منها القصير الذي لا يتجاوز الكراسة ومنها الوسط والطويل.
وقد ولد أحمد البوني سنة ١٠٦٣ وتوفي سنة ١١٣٩. وكان له ولدان أشهرهما أحمد الزروق الذي ذكره هو في الألفية الصغرى وخصه بالإجازة التي سنتعرض إليها، وأشار إليه ابن حمادوش في رحلته، كما أنه هو الذي أجاز الزبيدي سنة ١١٧٩ بالمراسلة من عنابة، كما أجاز الورتلاني. فقد كان أحمد الزروق أيضا من مشاهير عصره، ولكنه كان أقل تأليفا من والده.
وتثقف أحمد البوني إذن على والده وجده وأفراد عائلته، وبرع في عدة علوم، منها علم الحديث. وكانت بينه وبين علماء قسنطينة علاقات علمية ولكننا لا نعرف ما إذا كانت قد بلغت مبلغ التلمذة. ومن الذين كان يتصل بهم في قسنطينة بركات بن باديس. وقد ساح البوني طويلا وطلب العلم في