للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - ومن قسنطينة عالج التاريخ عالمان: حسن بن أبي القاسم بن باديس وأحمد بن الخطيب المعروف بابن القنفذ. وقد وجد ابن باديس (كتاب السير) لأحمد بن فارس الرازي مختصرا فقرر أن يشرحه بشرح سماه (فرائد الدرر وفوائد الفكر في شرح المختصر) ولكنه توفي سنة ٧٨٧ قبل أن يكمله. وقد تناول في شرحه سيرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وتاريخ الصحابة، وقسمه إلى مسائل تناول في كل مسألة موضوعا من مختاراته (١) وإذا كان ابن باديس مقلا في آثاره التاريخية فإن ابن القنفذ كان مكثرا. فقد تناول في كتاباته موضوعات محلية (أو وطنية بلغة اليوم) وليست عامة (أو إسلامية) كما فعل زميله ابن باديس. وهناك أعمال كثيرة ألفها ابن القنفذ في التاريخ والتراجم والرحلات والأنساب. ومن ذلك (الفارسية في مبادئ الدولة الحفصية) و (الوفيات) و (أنس الفقير وعز الحقير) و (تحفة الوارد في النسب من قبل الوالد) و (طبقات علماء قسنطينة)، و (المسافة السنية في الرحلة العبدرية) وغيره (٢).

والظاهر أن ابن القنفذ لم يؤلف (الفارسية) طمعا في مال أو حظوة ولكنه ألفه لأسباب أخرى. فالسلطان عبد العزيز الحفصي، المكني بأبي فارس، كان من مواليد قسنطينة (كما كان والده السلطان أحمد المكني بأبي العباس). فكانت هذه الحقيقة كافية في دفع ابن القنفذ إلى إهداء كتابه إلى السلطان (القسنطيني) الذي كان يحكم من حاضرة تونس. وبالإضافة إلى


(١) عنه انظر (وفيات) ابن القنفذ، وهو أستاذه وله ترجمة في وفيات الأعيان ورحلة العبدري وكفاية المحتاج. وقد بلغ في شرحه ١٦٥ ورقة.
(٢) لابن القنفذ (برنامج) ذكر فيه شيوخه ومؤلفاته أيضا في (الوفيات) التي نشرها هنري بيريز، مصر ١٩٣٩ وسرد مؤلفاته أيضا ابن مريم في (البستان) ٨٠٨ - ٣٠٩، كما ذكرها ناشرا (الفارسية) تونس ١٩٦٨، وبناء على كل ذلك فإن مؤلفاته تنيف على الثلاثين كتابا. وقد اطلعت على بعضها مطبوعة ومخطوطة. وتوفي ابن القنفذ سنة ٨١٠ (حسب أشهر الروايات). انظر عنه أيضا ابن القاضي (جذوة الاقتباس) ط حجرية، المغرب ١٨٩١، ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>