للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسنطيني، نزيل تطوان، فقد أبدع فيهم وزيف أقوالهم وبين فسادها). ونحن نعلم من ترجمة ابن القاضي أيضا أن القسنطيني قد أخذ العلم على أحمد المنجور المغربي. أما في المشرق فقد أخذ عن جماعة منهم عبد الرحمن التاجوري وعلي البكري الصديقي، وكان القسنطيني قد حج. وله رحلة لا ندري مكانها. وكان ميلاده بعد سنة ٩٣٠، أما تاريخ وفاته فمجهول لدينا الآن، ومهما كان الأمر فإنه كان على قيد الحياة سنة ٩٩٥ (١).

ومن كتب الردود التي اتخذت طابعا فلسفيا (النبل الرقيق) ليحيى الشاوي، وهي الرسالة التي رد بها على رسائل وآراء معاصره نور الدين الكوراني نزيل المدينة في وقته، فقد اتهمه الشاوي باتباع آراء المعتزلة والقول بالاتحاد واستنقاص الرسل. ولذلك حكم بكفره وأوجب قتله. ولم يسلم من هجوم الشاوي، أثناء ردوده، بعض العلماء المغاربة أيضا، ومنهم عبد الله العياشي ومحمد بن سليمان. وكان الشاوي يتحدث على لسان المغاربة عموما ويدافع عن أهل السنة ويغض من شأن المتصوفة وعلماء الباطن. ولكن محمد بن رسول البرزنجي نزيل المدينة أيضا قد تصدى للرد على الشاوي بلسان الكوراني، وسمى رده (العقاب الهاوي (٢)). واتهمه عدة اتهامات لا تليق بالعلماء المبجلين. ولكن رد البرزنجي فيه أخبار عن حياة الشاوي بمصر وإسطانبول وعلاقته بالعلماء في وقته ورجال الدولة. حقا إن بعض هذه الأخبار مبالغ فيه، ولكن السياق على العموم صحيح.

ومن هذه الأخبار كون الشاوي قد ارتكب في الجزائر ما أوجب إخراجه منها، وأنه خرج إلى مصر وصار شيخ الركب المغربي عدة مرات، وأنه ذهب إلى إسطانبول مرتين، وأنه لقي هناك بعض الإكرام فاغتر وبطر لأخذ في منازعة الأولياء وتكفيرهم ونفى التصوف عن بعضهم، وطعن في عرض


(١) محمد داود (تاريخ تطوان) القسم الأول، ١٥٧، وقد نقل عن أحمد بن القاضي في (درة الحجال) ط. الرباط سنة ١٣٥٤، م ١/ ١٦٧، م ٢/ ٤٦٥، وعلق محمد داود على كتاب القسنطيني بأنه يظهر أنه قد (اضمحل).
(٢) عن حياة الشاوي انظر سابقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>