محمد بن سليمان وعبد الله العياشي المغربيين. وإنه أخذ كثيرا من وظائف علماء مصر أثناء إقامته بها. ثم توجه ثانية إلى إسطانبول فنجح بعض الشيء حيث قربه رجال الدولة أول الأمر ثم انقلبوا عليه كما انقلب عليه أهل مصر فرفعوا عنه وظائفه. ولم يعد من إسطانبول هذه المرة سوى بعجوز هي، حسب رأي البرزنجي، أكبر من أمه، كما قيل عنه إنه أهدى كتابا له إلى ابن السلطان، وقدم هدايا إلى رجال الدولة وتوجه إلى أبوابهم. وعادى الصوفية لأجلهم. ومع ذلك رجع صفر اليدين.
ونحن نعرف من سياق الرد والاعتراض أن الكوراني قد كتب رسالة (مسلك السداد إلى مسألة خلق أفعال العباد) فراسله حولها بعض علماء المغرب مستفسرين عما جاء فيها، ومنهم محمد بن عبد القادر الفاسي. فرد الكوراني برسالة أخرى سماها (نبراس الإيناس بأجوبة سؤالات أهل فاس) أجاب بها أيضا من سأله عن مسألة الغرانيق. ثم كتب الكوراني رسالة أخرى سماها (إمداد ذوي الاستعداد لسلوك مسلك السداد). ونتبين من هذه الرسائل أن الكوراني كان يتناول موضوعات جدلية بين المسلمين كمسألة الغرانيق ومسألة الاتحاد ومسألة خلق الأفعال ونحوها. كما نتبين صلته بعلماء المغرب من المراسلات التي كانت بينهم وبينه ومن وصول رسائله إليهم ثم من صلاته بعلمائهم الزائرين والمجاورين بالمدينة أمثال العياشي الذي قال عنه الشاوي إنه هو الذي شهر الكوراني في المغرب. ونحن نعرف من هذا الرد أن الشاوي أيضا قد زار الكوراني في المدينة وجلس إليه وعرف رسائله.
أما الشاوي فقد بدأ رسالته (النبل الرقيق) بقوله: (أيها الموفقون والعصابة المحققون، إن أهل الدين وخصوصا أهل المغرب (يعني المغرب العربي) لهم غيرة على نفي الاعتفاد في الأولياء والزهاد)، ولكن همة أهل المغرب قد تقاصرت عن ذلك بفعلة عبد الله العياشي (وهو يسميه الشيطان) الذي سكن المدينة أياما وكان جاهلا بعلم المعقول غير عالم برتبة الرسول. وأن العياشي قد تعرف على الكوراني الذي كان يظهر التصوف والتقشف وأنه قد أظهر للعياشي شيئا من علم المنطق فاغتر به ونقل أخباره إلى علماء