المغرب وشهره بينهم، وهذا في نظر الشاوي مفسد لأهل الإسلام ولا سيما المغاربة.
ولقد كتب الكوراني رسالته في أن العبد يخلق أفعاله بنفسه فكان في ذلك، في نظر الشاوي متبعا للمعتزلة في قولهم إن العبد يخلق أفعاله لأنه مستقل في إرادته وقدرته. ثم قال الكوراني أيضاء بالتجسيم حيث قال في (وجاء ربك) جاء هو ولم يؤول فيقول جاء أمر ربك. كما أنه قال بالاتحاد فزعم أن الله موجود في كل جرم. وأخيرا خلص إلى التنقيص من الرسل وذلك في مسألة الغرانيق التي حار في تخريجها العلماء. ولذلك نادى الشاوي بالحرب ضد الكوراني فقال حرفيا:(إن هذا الرجل ساب بلا شبهة في ذلك فيقتل ولا يقبل توبته إن وجد للإسلام ناصرا .. فقد جمع الاعتزال والاتحاد والتجسيم ونسبة الكفر للنبي (صلى الله عليه وسلم)، فالواجب على كل مسلم أن يأخذ بثأر الدين وبثأر النبي (صلى الله عليه وسلم) بالبيان وبالبنان وباللسان وبالسنان، أعادنا الله من بلائه) (١).
وإذا كنا لا نعجب من هذه المهاترات بين علماء الوقت واتهام بعضهم البعض بالزندقة والتقرب للملوك وبيع الضمير العلمي فإننا نعجب حقا من ضيق الأفق الذي كانوا يتمتعون به فيحكمون بالقتل على من لم يوافقهم في الرأي. وكأنهم هم الذين وضعهم الله لتنفيذ أحكامه في الأرض. ولا شك أن من أسباب تخلف المسلمين فكريا عندئذ هذه السيوف المشرعة على رقاب كل من خالف الرأي العام، وهي السيوف التي يزعم أصحابها أنهم يحاربون بها الإلحاد والزندقة والفساد.
ومن الذين ترجم لهم ابن مريم في (البستان) طاهر بن زيان الزواوي
(١) لا ندري متى كتب الشاوي رده على الكوراني، ولكن البرزنجي الذي انتصر للكوراني وساق كلام الشاوي ليرد عليه كتب اعتراضه بمصر سنة ١٠٩٢ ونمقه وأخرجه في نفس السنة بالمدينة المنورة، وكان ذلك قبل وفاة الشاوي بأربع سنوات (توفي سنة ١٠٩٠ كما عرفنا)، ولدينا صورة من (العقاب الهاوي) المسوق فيها كلام الشاوي من مكتبة جامعة برنستون الأمريكية رقم ٩٧٨، وهي في ٣٤ صفحة.