للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعل أهم عمل كتبه الفكون في هذا الباب هو ديوانه الذي خصصه لمدح الرسول (صلى الله عليه وسلم)، فقد نظم عدة قصائد في هذا المعنى ورتبها على حروف الهجاء، مضمنا كل حرف من الحروف حروفا تقرأ من أول كل بيت في الحرف فإذا جمعت يخرج منها (اللهم اشفني بجاه محمد، آمين) (١)، وهو الديوان الذي رآه العياشي المغربي وأخبر أن الفكون قد كتب عليه ما يمدح به عند الغمة، وساعة الغياهب المدلهمة، والتزم فيه أن يجعل مبدأ كل سطر حرفا من حروف: الهي بحق الممدوح اشفني، آمين، وقال العياشي إن جملة ذلك خمس وعشرون حرفا من كل قصيدة مثلها أبيات، فقافية الهمزة مثلا تذهب هكذا:

أبدرا بدرت في الخافقين سعوده ... ونورا به الأكوان أضحت تلألأ

له في العلى أعلى العلى رتبة وفي ... مراقي ذرى العرفان قدما مبوأ

أضاء وجود الكائنات ببعثه ... وطلعته الغرا من الشمس أضوأ

إلى أن يصل إلى خمسة وعشرين بيتا في حرف الهمزة، ونفس عدد الأبيات في حرف الباء، ومثله في كل حرف من الحروف الهجائية. وقد أخبر العياشي أيضا أن الفكون قد انتهى من هذا الديوان سنة ١٠٣١ (٢)، أي عندما كان عمره ثلاثا وأربعين سنة. فمساهمة الفكون في باب التصوف إذن مساهمة كبيرة، سواء نظرنا إليه كمنتج أو ناقد لأصحابه.

وحوالي سنة ١٠٤٠ أكمل أبو الحسن علي بن عبد الرحمن البجائي شرح رسالة في التصوف سماها (محجة القاصدين وحجة الواجدين). شرح به رسالة عبد العزيز المهدوي المسماة (الرسالة المحتويه على إشارات أهل الدلالة). ورتب الشرح على مقدمة جعلها فيما ينبغي أن يكون عليه طالب طريق القوم، وأربعة أقسام، الأول في كلام الشيخ عبد العزيز المهدوي،


(١) (منشور الهداية).
(٢) رحلة العياشي ٢/ ٣٩١. وتوجد نسخة من هذا الديوان في المكتبة الوطنية - تونس. انظر كتابنا (شيخ الإسلام).

<<  <  ج: ص:  >  >>