للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسائلها عن ظهر قلب حنى أصبحوا لا يعانون في ذلك رهقا ولا مشقة، فهذا ابن مريم يخبر عن محمد الحاج المناوي (ت ٩٥٥) انه كان يقول (ألفية ابن مالك عندنا كخبر الجلوس) فهي عنده محفوظة معروفة يتحدثون بها في المجالس ويتنادرون، لذلك طلب المناوي من تلاميذه أن يكون اهتمامهم بما هو أرفع من ذلك، لأن المعلومات التي يمنحها لهم في النحو إنما جاءت نتيجة جهود أخرى مضنية ومطالعات مستقصية، فكان يقول لهم (هذا الذي نملي عليكم مطالعة أربعين سنة) (١)، وضرب ابن حمادوش في رحلته مثلا لبعض الطلبة، محاولا إقناعهم بضرورة تعلم الحساب والنحو، بأن أهل تونس وأهل الأندلس كانوا يبدأون أولادهم بتعليم هذين العلمين (ليذوقوا لذة العلم)، فالنحو والحساب عند ابن حمادوش من العلوم التي تفتح شهية التلاميذ لأنها من العلوم العقلية.

وقد اشتهر بعض الجزائريين بالدراسات النحوية، ومن هؤلاء يحيى الشاوي وعبد الكريم الفكون ومحمد بن راشد الزواوي وعاشور الفكيرين القسنطيني (٢)، فقد ترك يحيى الشاوي أربعة تآليف على الأقل في النحو، كما سترى، وترك الفكون نحو ذلك، أما ابن راشد والفكيرين فلا نعرف لهما تأليفا فيه ولكنهما اشتهرا بتدريسه، ومن أبرز الأساتذة الواردين على الجزائر من المغرب والذين تركوا بصمات قوية في الاهتمام بعلم النحو. محمد التواتي. فقد حل هذا الشيخ بقسنطينة أوائل القرن الحادي عشر (١٧ م)، وكان قد تخرج من فاس واشتهر بها في النحو حتى كان يلقب بسيبويه زمانه. وجلس في قسنطينة للتدريس فترة طويلة وورد عليه الطلاب من زواوة وعنابة والزيبان ونقاوس ونحوها، ومن أبرز تلاميذه محمد بن راشد الذي جاء من زواوة ليدرس عليه، فقرأ عليه كتاب (المرادي) حتى أتقنه، وبعد التخرج جلس ابن راشد للتدريس أيضا في قسنطينة فكان يدرس لطلابه كتاب


(١) (البستان) ٢٦٦.
(٢) اشتهر الفكيرين في النحو والصرف والرحلات، وسندرسه في فصل التاريخ والرحلات.

<<  <  ج: ص:  >  >>