للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علم مولانا، نصره الله، من مروي ومنقول. .) (١).

ورغم غلبة السجع، فإن عبارة القالي سهلة واضحة، ويظهر على أسلوبه التأثير السياسي والديني، فإذا نظرنا إلى الألقاب وأوصاف الملك نجد القالي متأثرا بالجو السياسي للعصر، رغم أن الباشا لم يكن سلطانا هكذا وإنما السلطان هو خليفة المسلمين في إسطانبول، ولعل ذلك منه كان بقصد المبالغة لا الجهل، أما التأثر الديني فيظهر من عبارات الأدعية والتضمين التي وردت في نص الرسالة، ومن الغريب أن محمد بكداش الذي حرك مشاعر القالي وأطمعه في ماله وإحسانه، كما حرك وأطمع غيره من الكتاب والشعراء، لم يحكم الجزائر أكثر من ثلاث سنوات لم تكن كلها استقرارا وأمنا، ولا ندري ماذا سيكون عليه حاله عند الكتاب والشعراء لو ظل في الحكم مدة أطول.

ونصل الآن إلى ما أسميناه بالرسائل الرسمية أو الديوانية، والواقع أن سيطرة اللغة التركية على الإدارة في الجزائر قد جعلت الرسائل العربية لا تظهر إلا في النادر، وهي إذ تظهر لا يراعي فيها الإجادة بقدر ما كان يراعي فيها التوصيل والفائدة، وكانت أحيانا تأتي متكلفة ركيكة لأن أصحابها كانوا يحاولون ما ليس من شأنهم بطريقة تذكر المرء بما كان يفعله باللغة العربية بعض المستعربين الفرنسيين أو المتفرنسين الجزائريين أثناء العهد الفرنسي، حقا إن بعض الباشوات قد اتخذوا لهم كتابا عربا يحذقون اللغة، كما فعل يوسف باشا ومحمد بكداش باشا، وحقا أيضا أن بعض البايات قد وظفوا بعض الأدباء والمؤرخين العرب، كما فعل محمد الكبير في معسكر والحاج أحمد في قسنطينة، ولكن الغالب على الإدارة العثمانية في الجزائر اتخاذ التركية في المعاملات والوقائع الرسمية، وبذلك أضرت باللغة العربية إضرارا شديدا وحرمتها من ميدان هي به أولى، ولذلك لا نجد من الرسائل الديوانية العربية إلا القليل.


(١) ابن ميمون (التحفة المرضية) مخطوط باريس، ٧٤ - ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>