للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هذا القليل ما تبادله يوسف باشا مع محمد ساسي البوني. ففي ذي الحجة من سنة ١٠٥٠ أرسل الباشا رسالة منمقة إلى العالم المرابط محمد ساسي (١) بعنابة حدثه فيها عن عدوله عن حرب الإسبان بوهران والتوجه بدلا من ذلك، إلى قسنطينة وبسكرة لمحاربة المتمردين (ثورة ابن الصخري)، وطلب الباشا من المرابط العمل على جلب طاعة الناس والقيام بدور العلماء في مثل هذه الأحوال باعتباره عالم تلك المدينة والنواحي المجاورة لها، ويبدو من الرسالة أن كاتبها أديب بارع متمكن من صناعة الإنشاء والأسايب البديعية، وهي في ثلاث صفحات، وقد رد محمد ساسي برسالة من عنده طالبا من الباشا العفو على أهالي عنابة ونواحيها، بعد أن تأكد أن الباشا قادم إليها لمعاقبة الثوار والمشايعين لهم، وأخبره بأنه يدعو الله أن يغير من أحوال السوء التي نزلت بالباشا وأبدى له الأسف عما وقع ضده، وناشده الصبر وعدم تصديق ما نقله الناس إليه، كما أخبره أنه لن ينسى وده. ورغم أن رسالة محمد ساسي ليست ديوانية بالمعنى المصطلح عليه فإنها متصلة بهذا المعنى اتصالا مباشرا.

أما الرسالة الثانية الديوانية الصادرة عن الباشا والموجهة إلى محمد ساسي أيضا فهي بتاريخ أوائل صفر سنة ١٠٥١، ردا على رسالة المرابط السابقة، فقد مدح الباشا فيها محمد ساسي بالولاية والصلاح وأخبره أن الرسالة في طلب العفو لأهل عنابة قد وصلته، ونازعه في القول القائل إن العامة لا تعرف المصالح العليا، مذكرا له بأنهم قد استوجبوا النقمة على أنفسهم ما داموا قد ثاروا أو شايعوا الثورة، ولكنه، مع ذلك، سيعفو عنهم استجابة لطلب الشيخ، بشرط أن يقوم هو (محمد ساسي) من جهته بواجبه في تعريف الناس بما يجب عليهم نحو الحاكم ونحو السلطان (٢).

وضمن هذه المجموعة من الرسائل الديوانية توجد رسالة من محمد


(١) انظر عنه الفصل السادس من الجزء الأول.
(٢) نفس الرسائل الثلاث في المكتبة الوطنية. باريس، رقم ٦٧٢٤، وقد درسنا هذه الرسائل ونشرناها في (الثقافة) عدد ٥١، ١٩٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>