الأمر فإننا نرجح أن يكون (روضة النسرين) من أعمال ابن صعد وحده وأنه قد نسب خطأ إلى السنوسي. ولعل غيرنا يكشف عن غير هذه الحقيقة.
٧ - ويشترك محمد بن عمر بن إبراهيم الملالي التلمساني مع ابن صعد في الاهتمام بالتراجم ولكن في اتجاه آخر. فقد كتب الملالي سيرة أستاذه محمد بن يوسف السنوسي وأطال في ذلك وسمى عمله (المواهب القدسية في المناقب السنوسية) وهو ترجمة واسعة لحياة أستاذه السنوسي حتى أصبح الكتاب لا غنى عنه ليس فقط لفهم حياة السنوسي (الذي أسف أثناء حياته من إهمال المغاربة لشيوخهم) ولكن لفهم عصر السنوسي أيضا. وقد كثرت نسخ (المواهب القدسية) لأنها كانت متداولة بحكم شهرة السنوسي نفسه وكثرة مؤلفته وتدريسها شرقا وغربا من العالم الإسلامي.
وقد اطلعنا نحن على نسخة منها في تونس وأخرى في المغرب الأقصى فإذا هي عمل ضخم جدير بالاعتبار. ولم يكن ينقص الملالي روح المنهجية العلمية أيضا، فقد قسم كتابه إلى مقدمة وعشرة أبواب فكان الكتاب، بعد المقدمة، على هذا النحو: في التعريف بأشياخ السنوسي، في مكاشفاته وكراماته، في عمله وشمائله وزهده، في تآليفه، في جملة من الآيات فسرها، في جملة من الأحاديث النبوية فسرها أيضا، في تفسيره لكلام أهل الحقيقة، في أوراده وأدعيته، في وفاته، وأخيرا فيما قاله من الشعر وما قيل فيه. وبذلك تنتهي العشرة أبواب التي ضمها كتاب (المواهب القدسية)(١).
وواضح من الكتاب أن اتجاه الملالي كان نحو التصوف. فقد ركز فيه على جانب التصوف عند السنوسي بينما كان السنوسي في الواقع من علماء الظاهر والباطن. وقد انتصر لأهل الحقيقة أو الباطن في رده على أبي الحسن الصغير وحبذ استعمال السبحة والخرقة وغير ذلك من شعارات أهل
(١) اطلعنا على نسخة تونس المكتبة الوطنية، رقم ٦٢٥٣ وهي في ٢١٩ ورقة، وهي جيدة الخط وتعود إلى سنة ١٠٤٥ بخط إبراهيم العجوز، وفي المكتبة الملكية بالرباط ثلاث نسخ، منها واحدة تحمل رقم ٧٠٠٨. انظر أيضا بروكلمان ٢/ ٣٥٢.