للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مغامرات وأهوال وانتصارات، وبعد الانتهاء من أداء هذا الدور تجمع التبرعات المالية (١).

ومما يؤسف له أن المصادر المحلية قليلا ما تعرضت أو سجلت هذه الظاهرة الفنية الاجتماعية، فكأن هذه المصادر كانت مترفعة عن تسجيل مثل هذه الآثار الشعبية، فهي لا تسجل إلا أعمال الولاة وأهل الدين والعلماء والأغنياء ونحو ذلك، ولكن الشعراء الشعبيين قد تركوا في أزجالهم وقصائدهم الملحونة تسجيلا لهذه الظاهرة، وسنعرف بعض ذلك منهم في فصل الشعر، وحسبنا أن نذكر في هذا الفصل أن الموضوعات التي كانت تطرقها القصة الشعبية كانت تعرض أصبحابها إلى غضب السلطة أحيانا، لأن أصحابها كانوا يتحدثون أيضا عن الحرية والوطنية القبلية ومناصرة فريق دون فريق في الخصومات والثورات، بالإضافة إلى الموضوعات المشار إليها والمستمدة من تاريخ العرب والمسلمين، ومع ذلك فإن هؤلاء القصاصين كانوا محبوبين لدرجة أن بعض الضباط العثمانيين كانوا يستدعونهم إلى الأكشاك أو المجالس ونحوها لقص أخبارهم.

فإذا عدنا إلى المصادر النثرية التي تسجل القصص والحكايات الشعبية فإننا لا نكاد نجد من ذلك شيئا (٢)، وأقرب صيغة وجدناها من ذلك هي المقامة. وقد أسهم الجزائريون في هذا الميدان، ولعل أشهر من أسهم فيه منهم قبل العثمانيين هو محمد بن محرز الوهراني صاحب المقامات أو المنامات (٣)، ولكن موضوعات الوهراني كانت مشرقية، لأنه عاش معظم


(١) بنانتي، ط ٢، ٢٢٦.
(٢) انظر تعريف عبد الحميد بورايو بقصة (جني الهيدور) لمؤلف تلمساني مجهول. وهي تضم مجموعة من القصص الاجتماعية والسياسية مستوحاة من ألف ليلة وليلة، وبطلها جميعا هو عبد الله بن منصور، في جريدة (الشعب) ٢٢ يناير، ١٩٨١.
(٣) بروكلمان ٢/ ٩١١، وقد نشرت بالقاهرة، ١٩٦٨. وكذلك ترك أحمد أحمد بن أبي حجلة مجموعة من المقامات كتبها أيضا في المشرق. ويقوم حاليا أحد الأساتذة بتحقيقها.

<<  <  ج: ص:  >  >>