للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يذكر محاسن تلمسان وجمالها وهو في المغرب والمشرق، وكان يقارنها بفاس ودمشق. وعندما كان في المغرب موفور الكرامة لم يصبر على زيارتها والبقاء فيها عدة سنوات (١٠١٠ إلى ١٠١٣). ولا غرابة في ذلك فهو بالإضافة إلى أصوله العائلية حيث أجداده ووالده، وجمال تلمسان الطبيعي، كان هناك عمه سعيد المقري الذي تحدثنا عن مكانته العلمية، وهو الذي أسهم في تكوين ابن أخيه تكوينا أدبيا موسوعيا بعد أن قرأ عليه سنوات طويلة، ونعتقد أن الفتن التي كانت دواليك بين سكان تلمسان والعثمانين هي السبب في هجرة المقري نهائيا من تلمسان إلى فاس (١).

ورغم وجود كتاب له مثل (روض الآس العاطر الأنفاس في ذكر من لقيته من علماء مراكش وفاس) فإن حياة المقري في المغرب ما زالت مجهولة. حقا ان هناك أشعارا وكناشات تنسب إلى المقري في المغرب وتلقي على حياته هناك بعض الضوء، ولكن هذه المصادر لا تجيب على كثير من الأسئلة المتعلقة بحياته ونشاطه في المغرب (٢)، ويبدو أن طموح المقري كان بلا حدود، ولا يشبهه بين الشعراء والأدباء إلا طموح المتنبي، ألم يقل المقري عن نفسه بعد هجرته إلى المشرق:

ولي عزم كحد السيف ماض ... ولكن الليالي من خصومي

وقد كان معجبا بالمغرب، متوليا فيه الوظائف السامية، كالإمامة


(١) تحدثنا عن بعض هذه الفتن، ومن مصادرنا فيها كتاب (البستان) لابن مريم (وكعبة الطائفين) لابن سليمان. وقد كثرت هجرة علماء تلمسان خلال هذه الأثناء إلى المغرب، ومنهم الشاعر سعيد المنداسي الذي كان معارضا للعثمانيين، وقد تحدث أحمد المقري عن علاقته بعمه سيد المقري في كل من (روض الآس) و (نفح الطيب).
(٢) في (روض الآس) ذكر المقري من أجازوه بالمغرب (وكان ذلك قبل هجرته إلى المشرق)، ومنهم أحمد بن القاضي صاحب (جذوة الاقباس) وأحمد بن أبي القاسم التادلي، وأحمد بابا التمبكتي السوداني، والمفتي محمد القصار، وقد ترجم للمقري صاحب (نشر المثاني) ترجمة وافية ١/ ٣٤٦ - ٣٥١، واستفاد مما كتبه عنه اليوسي في محاضراته.

<<  <  ج: ص:  >  >>