السلاطين ومجالس الطرب واللهو كما فعل الشاعران الحوضي والخلوف (إذا ثبتت جزائرية الثاني) والمؤرخان ابن القنفذ والتنسي. إن الأدب، والشعر أخصه وأرقه، قد اختلط بالتاريخ كما كان الحال عند التنسي أو اختلط بالتصوف والمدائح النبوية كما كان الحال عند الحوضي، أو طغت عليه الشروح والمتون. ومن الغريب أن نتحدث عن التأثير الأندلسي في الحياة الاجتماعية والثقافية ثم لا نجد (طريقة) أندلسية جزائرية في الأدب تميز بها القرن التاسع وتلاقحت فيها قرائح الأندلسيين ومواهب الجزائريين.
١ - وكما كان هناك مؤرخان بارزان رسميان أحدهما في غرب البلاد والآخر في شرقها، كان هناك شاعران بارزان رسميان أيضا أحدهما في تلمسان وهو محمد بن عبد الرحمن الحوضي والثاني في تونس وهو أحمد بن محمد الخلوف. الأول شاعر بلاط الزيانيين والثاني شاعر بلاط الحفصيين (١). ولكن كليهما اشتهر بشعر المدح والشعر الديني أيضا. فللحوضي مجموعة أشعار في مختلف الأغراض منها، بالإضافة إلى ما ذكرنا، الغزل والرثاء والتصوف. أما الخلوف فله ديوان كامل في المدح النبوي، بالإضافة إلى المدح السياسي. وقد كان ملازما للسلطان الحفصي أبي عمرو عثمان مادحا له ومشيدا بآثاره. وكان يجمع بين النثر والشعر حتى لقب بذي الصناعتين. وله قصائد طوال.
(١) توفي الحوضي سنة ٩٠٠ وتوفي الخلوف حوالي سنة ٨٩٩. وتوجد ترجمة الحوضي في (البستان) لابن مريم. أما الخلوف فقد قال عنه الجيلالي ٢/ ٦٧ إنه ولد بقسنطينة ولذلك نسبه إليها (القسنطيني) وهي نسبة ما زلنا مترددين إزاءها. ولذلك نكتفي بالإحالة إلى مصادر الخلوف دون اتخاذ رأي من جزائريته، وقد نسبه بروكلمان ٢/ ٣٣٢ إلى فارس وتونس ونسبه محمد ماضور في مقدمة (تاريخ الدولتين) إلى قسنطينة أيضا. وترجم له الزركشي في شرحه على القصيدة (الدمامينية). وقد طبع ديوان الخلوف ببيروت سنة ١٨٧٣. وفي بعض الكتب أنه المغربي الأندلسي. وتوجد عدة نسخ من ديوانه منها واحدة في مكتبة زاوية طولقة (الجزائر) وأخرى في مكتبة جامعة يال الأمريكية رقم ٣٠٧ ومنه نسخ أيضا في مكتبات القاهرة وتونس.