الجزائر في المولد النبوي وليلة القدر وعند ختم صحيح البخاري، ونعرف مما ذكراه أن البلاد كانت تحتفل بهذه المناسبة احتفالا كبيرا، يتلى فيها البخاري طوال الليل وتضاء الشموع الضخمة ويطوف القراء وغيرهم الشوارع وهم حاملون المصابيح، وتعد النسوة أطعمة خاصة، وتعزف الموسيقى ويكثر إنشاد الشعر الديني والموشحات. وإذا كان ابن حمادوش قد ركز في وصفه على المظاهر الاجتماعية والدينية عند الاحتفال ليلة ختم صحيح البخاري، فإن ابن عمار قد أعطانا صورة حية عما كان يفعله الشعراء بالخصوص أثناء الاحتفال بالمولد النبوي. فهو يقول إنه كلما دخل شهر ربيع الأول شرع أدباء وشعراء الجزائر في نظم القصائد والموشحات النبوية، ثم يلحنونها (بالألحان المعجبة، ويقرأونها بالأصوات المطربة) ويصدحون بها في المحافل الكبيرة والمجامع التي يحضرها الفضلاء والعلماء والرؤساء، في المزارات والزوايا والمكاتب. وكان الناس يلبسون لذلك أيضا أجمل ثيابهم ويتطيبون تقديرا للمولد الشريف.
وكان ابن عمار من بين ثلاثة شعراء اشتهروا بنظم الموشحات والقصائد المديحية في هذه المناسبة، ففي سنة ١١٦٦ أنشأ هو موشحا عند حلول شهر ربيع الأول وتاقت نفسه للحج، قائلا في فاتحته:
يا نسيما بات من زهر الربا ... يقتفي الركبان
احملن مني سلاما طيبا ... لأهيل البان
وأضاف ابن عمار بأن له من هذا القبيل وغيره من القصائد المديحية كثيرا ضمنه (بطن ديوان ..)(١) فلابن عمار إذن ديوان في المدائح النبوية بعضه موشحات وبعضه قصائد قريض، كما يقول، وهو يعني بالقريض الشعر الموزون المقفي أو غير الموشحات.
ورغم أن ابن عمار قد لاحظ أن الشعر القريض الذي يتناول المدائح النبوية قليل في عصره، فإنه قد ذكر أن أحمد المانجلاتي قد برع فيه وفي