أيضا، ومن أشهر وصفه ما كتبه عن قصر ابن عبد اللطيف، وقد قال في ذلك أكثر من قصيدة، ومن ذلك ما قاله بطلب من صديقه وشيخه ابن علي (١)، وقد جاء في إحدى قصائد ابن عمار في هذا القصر:
وليلة أنس لذ فيها جنى السمر ... فناهيك من أنس جنيناه بالسهر ويعتبر ابن عمار بدون شك من كبار الأدباء وأبرز الشعراء، وخصوصا في ميدان الوصف، فهو فيه كشيخه ابن علي في الغزل.
ولكن الوصف لا يقتصر، على الطبيعة، فلدينا شعراء قد وصفوا المدن وأجادوا، وصوروا أحوالهم النفسية إزاءها كما فعل أحمد المقري في وصف تلمسان.
ومن أجود قصائد وصف المدن قصيدة ابن أبي راشد في مدينة الجزائر وحدائقها خلال الربيع، ولعل هذا الوصف هو الأول من نوعه في هذه المدينة التي اشتهرت منذ القديم ببياض بنيانها وكثرة البساتين حولها والأبراج ووفرة الزهور على مختلف الأشكال، ورغم أن الشاعر انبهر بالمنظر الخارجي للمدينة والطبيعة المحيطة بها، فإننا نورد شعره لأهميته في الوصف ولأوليته في وصف المدينة وجمال مناظرها في فصل الحب والشباب
بمزغنة الفيحاء تظهر من مدى ... ترى كسقيط الثلج بيضاء ناصعه
برج السما أبراجها قد تألقت ... تروقك من أفق الأجنة طالعه
تراها على وجه البسيطة أنجما ... وأغصان أشجار ترنح نافعه
وحيث الريع الغض ثم شبابه ... ترى أرضها تبدي الغضارة يانعه
وحيث بدا كسرى الرياض متوجا ... بثلج نوار فهي صفراء فاقعة تريك احمرار في ابيضاض كأنها ... دماء على أرض من الثلج واقعه دواليبها تسقى الغصون فتنثني ... حمائمها تشدو على القضب ساجعه
(١) القصيدتان - قصيدة ابن علي وقصيدة ابن عمار - في (ديوان ابن علي) مخطوط.