للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(شيخ الإسلام) هي لقب المفتي الحنفي في الجزائر كما كانت في إسطانبول، والدليل الثاني أن المفتي الجديد، حسين بن مصطفي، قد تولى في هذه السنة

(١١٦٩) دون أن نجد في قائمة المفتين من توسط بينه وبين ابن علي (١)، فهل

عزل ابن علي عندئذ أو توفي؟ ذلك ما لا نعلمه الآن، فإذا نظرنا إلى تاريخ ولاية جده الفتوى (سنة ١٠٤٥) وسنة ١١٦٩ أمكننا أن نقدر أن تاريخ ميلاد

ابن علي كان حوالي ١٠٩٠، غير أننا لا نجد في الوثائق ما يساعدنا على تحديد سنة الميلاد أو الوفاة، وهناك حادثتان تساعدان على تحديد أوليات ابن علي، فهو من الذين مدحوا محمد بكداش باشا وهنأوه بفتح وهران الذي وقع سنة ١١١٩، ولو لم يكن ابن علي متقدما في السن وفي صناعة الشعر لما قال قصيدته الرائعة في هذه المناسبة التي لعلها أفضل القصائد التي قيلت في

الفتح وظروفه:

وإني وإن أحجمت أول مرة ... على خوض هذا البحر والغير عائم

فما هي إلا هيبة الملك قلما ... على مثلها في الناس يقدم قادم

وعهدي قوافي الشعر عني أذودها ... زمانا وفكري موجه متلاطم ولولاك ما كان التفات لفكرة ... ولا سام نظم الشعر كالدر سائم (٢)

أما الحادثة الثانية فهي خصومة ابن علي مع محمد بن نيكرو مفتي المالكية سنة ١١٥٠، وهي الخصومة التي أدت إلى وفاة ابن نيكرو سنة ١١٥٢ (٣).

استمد ابن علي حينئذ من أسرته تقاليد الشعر وتقاليد الفتوى، وكان المفتي الحنفي صاحب مكانة هامة في الدولة مما جعله أحيانا هدفا لسهام السياسة، كما رأينا، فالمنصب لم يكن مجرد وظيفة دينية بل كان وظيفة سياسية كبيرة، وكان المفتي الحنفي يدخل على الباشا ويحضر جلسات


(١) ديفوكس (المؤسسات الدينية)، ١٤٨.
(٢) انظر هذه القصيدة في شرح الجامعي على رجز الحلفاوي، وتبلغ ٧٧ بيتا.
(٣) ذكر تفاصيل هذه الخصومة ابن المفتي، وقد اشترك فيها أيضا محمد بن ميمون ومحمد بن سيدي هدى وقال ابن المفتي ان ابن علي كان يقدح بلسانه في ابن نيكرو.

<<  <  ج: ص:  >  >>