للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما منيت به من أبناء الزمان، من شماتة ان ألمت مصيبة، وسهام من نكايتهم مصيبة، فجنحت إلى صرف تلك البلابل، بما يفوق عن احتساء البلابل .. وهو ما صيغ من ألسن بعض أهل العصر، وربما أضفت إلى ذلك ما سمحت به القريحة الجامدة، فجاء نزهة من نزه الأفكار، ومجتلى خرائد وأبكار) (١). فواضح من هذا أنه جمع في ديوانه شعره ومختارات من شعر غيره.

ولكن هذا الديوان اليوم معقود بالطريقة التي وضعه عليها صاحبه، ذلك أن الموجود الآن منه عبارة عن نماذج بعضها بصيغة المتكلم، مما يدل على أنه ابن علي، وبعضها بصيغة الغائب مما يدل على أن أحدهم هو الذي يورد النماذج ويتصرف في اختيارها، وكأن الموجود من الديوان اليوم هو مختار المختار. وهناك مشكلة أخرى تثار حول هذا المختار، وهي من اختاره؟ هل اختاره أحمد بن عمار، وبذلك يكون الديوان جزءا من كتابه (لواء النصر) المفقود أيضا؟ ويؤكد هذا أن ابن علي قد ناول ابن عمار ديوانه كما أسلفنا فأخذ منه الغراميات في (النحلة) وسكت عن الباقي، مضيفا أنه ترجم لابن علي مطولا في (لواء النصر)، أو هل اختاره عبد الرحمن الجامعي الذي عرف ابن علي أيضا وصادقه وتبادل معه الشعر والمدح؟ وبذلك يكون الموجود من الديوان جزءا من رحلة الجامعي المفقودة والمسماة (الدرر المديحية) (٢) ونحن نرجح أن يكون جزءا من (لواء النصر) لابن عمار، لأن هذا هو الذي عاصر طويلا ابن علي ولازمه إلى أن تقدم العمر بكليهما، ولأن في الديوان

تعاليق وأخبارا لابن عمار أيضا، أما الجامعي فلم يطل الإقامة في الجزائر فهو

قد خرج قبل سنة ١١٣٦، والمعروف أنه قد توفي سنة ١١٤١، بينما عاش

ابن علي بعده حوالي ثلاثين سنة.

ومهما كان الأمر، فإن الديوان يضم عددا من قصائد ابن علي في الغزل وغيره، كما يضم عددا من القصائد التي اختارها لغيره، ولكي يخرج المرء


(١) (ديوان ابن علي)، المقدمة.
(٢) ناقش هذه النقطة أيضا محمد المنوني في (دعوة الحق)، مارس ١٩٧٤، وهو يميل إلى كون الديوان جزءا من رحلة الجامعي المفقودة.

<<  <  ج: ص:  >  >>