للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علي على ذلك بقوله: (وها أنا أذكرها هنا تبركا، وليعلم الواقب عليها أن الممدوح (يقصد أسعد أفندي) كان ممن يحاول الصناعة الشعرية ويتحيز إلى الفئة الأدبية، فانظر هذه الهمة حيث تكلف هذا العجمي معرفة اللسان العربي، مقدما على ما أحجم عنه أكابر العلماء وهو نظم الشعر الذي هو أجمل ما التحفته الهمة، وعرفته هذه الأمة، فإنه مطلق اللسان من عقال، ومنطق الإنسان بصواب المقال) (١). وكأن ابن علي يدعو الناس إلى العناية باللغة العربية ويدعو المثقفين خصوصا إلى الاهتمام بالشعر متخذا من هذه القصة حجة له، ونعرف من مصدر آخر أن ابن علي هو الذي أمر، وهو المفتي المطاع، بترجمة (غزوات عروج وخير الدين) من التركية إلى العربية (٢) لأنه لم يكن يحذق اللسان التركي.

نظم ابن علي كثيرا من الشعر في الأغراض التي ذكرناها وغيرها،

وقد قال ابن عمار عنه ان (أيدي الناس ممتلئة من شعره)، وأخبر أن ابن علي قد ناوله ديوانه مخطوطا فنقل منه بعض قصائد الغزل في (نحلة اللبيب) واقتصر على ذلك، لأن (الديوان غزير المادة) في الأغراض

الأخرى (٣)، ويفهم من كلام ابن عمار أن ديوان ابن علي كله من شعره،

ولكن يبدو أن الموضوع في حاجة إلى توضيح، فالديوان، على ما يبدو،

جمع بين شعر ابن علي وشعر غيره، وكان ابن علي قد اختار من شعر غيره، سيما شعر القرن السابق له (الحادي عشر) في ديوانه. فذكر قصائد لجده

ووالده ومحمد القوجيلي وأحمد المانجلاني، وابن رأس العين ومحمد بن

ميمون وغيرهم، وأضاف إلى ذلك بعض شعره الخاص، وقد أوضح ابن علي في مقدمة ديوانه سبب جمعه لهذه الأشعار فقال: (دعاني لجمع هذا الديوان،


(١) (ديوان ابن علي)، مخطوط.
(٢) نور الدين عبد القادر (صفحات) ٢٠٠، كذلك (غزوات عروج وخير الدين) له، ط. الجزائر ١٩٣٤، ١٢٨. انظر أيضا المكتبة الوطنية - باريس رقم ١٨٧٨ وكذلك الملحق رقم ٨٥٢ مكرر.
(٣) ابن عمار (النحلة)، ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>