للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باسم الله نبدي على وفا ... ذا القصة تعيانا قصة ذا البونبة المتلفة ... كيف جابوها أعدانا (١) ورغم أن قصيدة بلقاسم الرحموني الحداد قد صورت أحوال قسنطينة عموما فإنها لم تكن سياسية كلها، كما أنها لم تكن كلها ضد العثمانيين، بل كانت ضد الدخلاء على مدينة قسنطينة مهما كانوا. فقد صور في قصيدته الحياة الاجتماعية من فساد أخلاق ودين، والحياة السياسية من ظلم وطغيان، والحياة الاقتصادية من نقص في أحوال المعيشة والغلاء، وكان الشاعر في هذه القصيدة يتكلم على لسان أهل الطرق الصوفية، وهو أيضا ضد التجار الذين وردوا على قسنطينة من داخل البلاد ونافسوا أهلها، وتبدأ هذه القصيدة: عام مكبرة هاي سيدي ... بالكساد وغلات النعما (٢) ولعل الشاعر نفسه كان يتغنى بهذه القصيدة وغيرها في مقاهي قسنطينة ومجالسها، وقد أشرنا إلى أن بلقاسم الحداد كان شاعرا في غير هذا الموضوع أيضا.

أما الشعراء الذين وقفوا ضد العثمانيين مستعملين الشعر الملحون وسيلة وسلاحا فهم، أيضا كثيرون، وحسبنا أن نذكر هنا ابن السويكت، الشاعر الذي سجل انتصار أهل سويد بالغرب الجزائري على العثمانيين في حروب طويلة قاسية، وهذه الحروب تعرف جماعيا باسم (ثورة المحال) التي كانت تتقد تارة وتخبو تارة أخرى حوالي قرنين، وللشاعر في ذلك عدة قصائد، منها تلك التي يقول فيها:

الترك جاروا واسويد عقابهم طافحين ... والترك شاربين الهبال في سطلة (٣)


(١) (المجلة الإفريقية)، ١٨٩٤، ٣٢٥ - ٣٤٥، قارن ذلك بما ذكره ابن حمادوش عن الدانمارك، والمقصود بالبونبة، القنبلة.
(٢) (المجلة الإفريقية)، ١٩١٩، ٢٢٤ - ٢٤٠. انظر عن هذا الشاعر الفصل السادس من
الجزء الأول.
(٣) مقدمة (الثغر الجماني)، ٣٤، وتعرضنا من قبل إلى تفاصيل هذه القصيدة، انظر الفصل الثاني من الجزء الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>